البيئة هى ليس ما يحيط بنا عن قرب فقط وإنما كل شىء تتضمن
عليه الكرة الأرضية، وتعتبر الغابات جزءا لا يتجزأ من البيئة فهى تساهم فى استقرارها.
ولكن للأسف فهى تضيع من بين أيدينا تدريجياً وتتعرض للضياع لنضيف
بذلك عنصراً آخراً لانتهاكات الإنسان التى يقترفها يوماً بعد يوم
تجاه بيئته، ويمضى قدماً تجاه مصيره الذى وضعه بيده لحياته وسط خصم
هذه الأضرار التى تؤثر على
حياة الكائنات الحية بأكملها على سطح الكرة الأرضية لكن ماذا يحدث
لهذا الجزء الهام من بيئتنا، ما هى أهميتها بما أنها مساحة شاسعة
من الغطاء النباتى. المزيد عن يوم البيئة العالمى .. المزيد عن المسئولية الفردية للحفاظ على البيئة ..
* أهمية الغابات:
لا تقتصر الغابات على كونها غطاء شاسع أخضر لكن لها مغزى اقتصادى وصناعى بل واستجمامى أيضاً:
- إن سلامة الغابات هى من سلامة الإنسان .. أى كلما حافظ عليها
الإنسان كلما حافظت على سلامته وعلى صحته، لأنها المصنع الكبير
الذى تمده بالأكسجين النقى اللازم لحياته عن طريق عملية البناء
الضوئى التى تتم بواسطة أوراق الأشجار، كما أنها تنقى الهواء من
الأتربة وذرات الغبار قبل أن تصل إلى رئة الإنسان.
- الغابات تمنع تدهور التربة وتآكلها، فالغابات والغطاء النباتى الواسع من الأشجار يحافظ علي
التربة وعلى خصوبتها من تأثير الشمس أو الأمطار.
- وتحافظ على استقرار الجبال.
- تحمى ينابيع المياه، وتعمل كحاجز طبيعى لمياه السيول
والفيضانات، كما تنظم سريان المياه الجوفية من داخل التربة.
- الغابات ليس لها تأثير على الإنسان فقط بل يمتد تأثيرها على
البيئة المحيطة بأشجارها، فالمناخ فى الغابات هو مناخ معتدل لأن
الحياة النباتية تلطف من الجو وتجعله معتدلاً كما تخفف من شدة
الرياح لأن الأشجار تمتص قوة الهواء بعض الشىء .. لكنها تساهم فى
رفع الرطوبة بالجو على الجانب الآخر.
لذا فهى تحد من تأثير الصوبات الخضراء والتى تساهم فى ظاهرة الاحترار
العالمى من خلال البساط الأخضر الذى يمتص غاز ثانى أكسيد الكربون. المزيد عن ظاهرة الاحترار العالمى ..
- وعلى المستوى الاقتصادي تساهم كمصدراً للطاقة والمواد الخام.
- كما لعبت الغابات على مر العصور دوراً حضارياً وتاريخياً هائلا حيث كانت موطناً للعنصر البشرى منذ القدم.
- الغابات تساعد على إزالة آثار التلوث السمعى، فهى بمثابة الحاجز
الذى يحول دون وصول الضوضاء إلى أذننا. المزيد عن التلوث السمعى ..
- ولا يمكننا أن ننسى الفائدة الأهم والأعظم للغابات وهو الحصول
على الأخشاب من أشجارها، تلك المادة الخام المستخدمة فى مختلف الصناعات على نطاق واسع.
* تدهور الغابات:
وعلى الرغم من أهمية الغابات، فما زالت التقارير تشير إلى التدهور المستمر فى هذه المساحات الشاسعة، حيث أقرت الإحصائيات بأن نسبة
الغابات التى تعرضت للتدهور وصلت إلى نصف مساحتها والمساحات المتبقية منها صغيرة - ولكن الغابات الحدودية (التى تقع على الحدود) مازالت تلعب
دوراً كبيراً فى البقاء على حياة الغابات، وفى الحفاظ على التنوع البيولوجى لكنها مهددة أيضاً بالانقراض ويرجع ذلك لأسباب اقتصادية
لتحقيق النمو المستدام لاقتصاد الدول، والاستهلاك المتزايد لها، تأثير غازات الصوب الخضراء، ومتطلبات السكان الآخذين فى التزايد
للاستقرار فى أراضى جديدة. بالإضافة إلى السياسات الخاطئة المتبعة من قبل الحكومات لتسكين الأفراد وإقامة المبانى هناك بدلاً من
تشجيع السياحة فى هذه المناطق الخلابة وانتشار التجارة غير المشروعة بها.
أ- الموقف بالنسبة للدول المتقدمة:
تزداد المساحة الإجمالية للغابات فى الدول المتقدمة وان كان ذلك ببطء لكنها فى ازدياد، وعلى الجانب الآخر مازالت حالتها
متدهورة وخاصة فى أوربا حيث تعانى الغابات من تلوث الهواء، والتقلبات الجوية والجفاف. وفى خلال العشرين عاماً الأخيرة فُقد
حوالى 100.000 هكتاراً من الغابات فى أوربا الوسطى والشرقية، وقد
فازت كندا بالنصيب الأكبر فى عملية التدهور والسبب الرئيسى اقتلاع أنواع الزرع المختلفة. المزيد عن تلوث الهواء ..
ب- الموقف بالنسبة للدول النامية:
تتعدد أسباب تدهور حالات الغابات فى البلدان النامية ومنها:
- اقتلاع أنواع عديدة من النباتات والأشجار.
- الاعتماد على خشب الأشجار فى كثير من الصناعات.
- رعى الماشية على الثروة الغابية.
- اشتعال الحرائق.
- انتشار الآفات.
- انتشار الأمراض.
وإذا تحدثنا عن أنواع الغابات ستجد منها الاستوائى - الشمالى -
والمعتدل. بالنسبة للغابات الاستوائية فتجد أن النسبة الكبيرة منها
بل معظمها تقع فى الدول النامية لكنها بدأت فى الاختفاء. وترتبط حالة التدهور بالأحوال الاقتصادية
الحالية والتزايد السكانى. والاحتياجات المتزايدة للحصول على
مساحات أوسع وأرحب لتواكب النمو السكانى كما سبق وأن أشرنا، والضغط على المواد
الطبيعية الموجودة فى الصحراء أدى إلى استغلالها بشكل سيئ لكن
الأمر المثير للفزع أن إمكانية استعادة مثل هذه الغابات أصعب بكثير
من محاولة استعادة الغابات الشمالية والمعتدلة على الرغم من أن
الأخيرة لا تحتوى على التنوع البيولوجى مثل الغابات الاستوائية،
لذلك فالصعوبة تنشأ من هنا لأن فقد مثل هذه الغابات يعنى فقد
الثروة النباتية والحيوانية.
والصورة ليست جرداء لهذا الحد، ولكن يوجد جانباً مشرقاً فيها حيث
أن إجمالى المساحات المزروعة للغابات على مستوى العالم فى تزايد
مستمر، وإن كان تنوع الغطاء النباتى بها محدوداً لا يتعدى نوعاً أو أكثر قليلاً، فقد
تم اختيار هذه النباتات لنموها السريع، وللأغراض التجارية وسهولة
التعامل معها. وترتبط الزيادة فى المساحات المزروعة بمدى
التغير الذى يتم إحرازه فى برامج إدارة الغابات، ونظم الاعتناء
بالأشجار وتحسين السلالات، وهذا يساهم بدوره فى التخفيف من الضغط
الذى يحدث على الحياة النباتية فى الصحراء. وإدخال أنواع نباتية
على الغابات الطبيعية لها فوائد كثيرة، على الرغم من المخاوف أن تحل
هذه الأنواع المستحدثة محل الأنواع الطبيعية المتواجدة فى الصحراء.
حقائق هامة:
1- كلما تم زراعة أشجار من نفس النوع والعمر فهذا يعطى للحياة
النباتية مقاومة كبيرة ضد التهديدات البيئية.
2- كمـا أن التنـوع لـه فائدتـه إذا أصـاب مرض ما نوع معيــن، أو
آفة أو عنـــد التعرض لحرائـق يكـون هنــاك التعويض المقابل لذلك.
3- كلمــا كـان هنـاك تنوع فى النباتات التى تزرع فوق سطح تربة
كلما زاد غناء هذه التربة بالمواد المغذية التى تفيدهـا، كمـا تزيد
فرص تواجـد الثروة الحيوانية التى تتغذى على أنواع متعددة من
الغطاء النباتى، وبالتالى انتعاش الحياة الاقتصادية بوجه عام.
* أنواع الغابات:
يُصنف العلماء أنواع الغابات وفقاً لعوامل عديدة، من بينها:
- قد تُصنف الغابات وفق سمات الأشجار السائدة فيها.
- وقد يتم تصنيفها وفق استخدامات أشجارها.
- وهناك فريق آخر من العلماء يصنفونها وفق العوامل البيئية التى تنمو فيها أشجار الغابة من المناخ والتربة والرطوبة.
- وهناك تقسيم إلى أنواع رئيسية تنتشر فى مختلف أنحاء العالم، على النحو التالى:
- الغابات الجبلية:
هى تلك الحياة النباتية المنتشرة فوق سلاسل الجبال حيث البرودة
العالية والثلوج والرياح الشديدة لكن مع الرطوبة العالية، وتُطلق
الغابات الجبلية على ذلك الغطاء النباتى الذى يغطى المنحدرات
السفلية والوسطى من الجبال أما الغطاء النباتى الذى يغطى المنحدرات
العليا فى الجبال فتسمى بالغابات تحت الألبية، من أشهر أنواع
الأشجار التى تنمو فى الغابات الجبلية أشجار الصنوبر والتنوب، اما
الحيوانات التى تقطن الغابات الجبلية فنجد حيوان الباندا العملاق
والدب وغيرها من الثدييات الأخرى التى تتعايش مع الجو الشديد
البرودة فوق سطح الجبال.
- غابات السافانا:
هى مساحات شاسعة من الغطاء النباتى تغطيها أشجار وشجيرات وأعشاب
متباعدة منفردة فى مناطق وفى مجموعات فى مناطق أخرى .. الأمطار فى
مناطق السافانا قليلة كما أنه تربتها غير غنية، أشهر أنواع الأشجار
هى أشجار الأكاسيا، أما الثدييات المنتشرة فى غابات السافانا
الفيلة والغزال والزراف.
-
الغابات الاستوائية المطيرة:
وهى التى تنمو بالقرب من خط الاستواء حيث المناح الدافئ طوال
العام والتى تمتد بين دائرتي عرض 5 شمالاَ وجنوباً، الحياة
النباتية بها غنية للغاية فالأشجار تتميز بكثافتها وطولها حيث يصل
ظلال الشجرة إلى ما يقرب من 40 متراً وهى أشجار دائمة الخضر،
وينتشر النخيل فى الغابات الاستوائية وبعض النباتات المتسلقة، أما
الحشائش فقد لا تنمو بقوة لعدم وصول الضوء الكافى لها، أهم الأشجار
الاستوائية: الكاكاو وجوز الهند والمطاط والموز والحيوانات التى
تتواجد فى هذه الغابات الخفافيش والطيور والسحالي والقردة
والثعابين. المزيد عن فوائد ثمار الموز ..
- الغابات المدراية الموسمية:
تتواجد فى الشمال والجنوب بعد الغابات الاستوائية وهى أقل كثافة من
الغابات الاستوائية لقلة الأمطار حيث يوجد فصل ممطر وآخر جاف من كل
عام كما تتميز بانخفاض درجة الحرارة فيها عن الغابات الاستوائية،
أشجارها متساقطة الأوراق كما تقل النباتات المتسلقة فيها لكن
الغطاء العشبى كثيف ويغطى سطح الأرض. من أهم أشجارها الكافور
والصندل، أما حيوانات الغابات المدراية تشبه الحيوانات فى الغابات
الاستوائية
- الغابات المعتدلة الدافئة:
تتميز هذه الغابات بأنها تنمو في مناطق لها مناخ معتدل، وتسقط
عليها الأمطار بكم معتدل أيضاً على مدار العام.
يوجد نوعان من هذه الغابات: غابات البحر المتوسط وتتمثل اشجارها فى
الزيتون والجوز والأرز والسرو وبما أن منطقة البحر المتوسط بها
كثافة سكانية عالية منذ زمن طويل فقد أزيلت غالبية الغابات الأصلية
تقريبًا وهى غابات كان معروف غناها بالفراشات، والغابات الصينية
التى تتمثل أشجارها فى البلوط والخيزران والزان.
- الغابات الباردة:
الغابات الباردة تقع فى المناطق المطيرة بين دائرتي عرض 40 إلى 70
شمالاً وجنوباً، تنقسم إلى نوعين: الغابات النفضية متمثلة فى
البلوط والزان والغابات المخروطية المتمثلة فى الصنوبر، وعن تسمية
النوع الأول بالغابات النفضية فهذا يرجع إلى ما تقوم به الأشجار من
عملية نفض أوراقها فى فصلى الخريف والشتاء لحماية نفسها من البرد،
وتتميز الغابات النفضية بثروة من الأحياء الحيوانية متمثلة فى
القنافذ وحيوان الراكون والبومة ونقار الخشب الذى نراه فى أفلام
الكرتون والفهد ... الخ
* حرائق الغابات:
ويمكن وصفها بأنها من أخطر المشاكل التى تواجهها البيئة
بلا منازع، ويكون السبب الرئيسى فيها هو المناخ الجاف، وقد تستمر
هذه الحرائق لأشهر ليست لأيام فقط وينجم عنها العديد من المخاطر
وخاصة لانبعاث غاز أول أكسيد الكربون السام.
وهناك عاملان أساسيان فى نشوب مثل هذه الحرائق عوامل طبيعية لا دخل
للإنسان فيها، وعوامل بشرية يكون الإنسان هو بطلها: ومن أشهر
الأمثلة على العوامل البشرية تلك الحرائق التى نشبت فى إندونيسيا
فى جزيرتى "بورنيو " و سومارتا" ما بين عامى 1997 - 1998. وانبعث
من هذه الحرائق غازات سامة غطت مساحة كبيرة من منطقة جنوب شرق آسيا
مما نتج عنه ظهور مشاكل صحية وبيئية، وقد نشبت الحرائق فى حوالى
808 موقعاً تم تحديدها بصور الأقمار الصناعية وقدرت المساحة التى
دمرتها الحرائق بحوالى 456.000 هكتاراً (45.600 كم مربعاً). ويرجع
السبب الأساسى وراء هذه الحرائق تحويل إنتاج هذه الغابات من خلال
إحلال زراعة النخيل لإنتاج الزيوت.
ناهيك عن الخسارة الفادحة للأخشاب والثروة النباتية والحيوانية
والبشرية لأن الغازات السامة لهذه الحرائق تمتد إلى البلدان
المجاورة ولا تقف عند حدود دولة بعينها. ومن الأمثلة الأخرى لحرائق
الغابات تلك الحرائق التى نشبت فى البرازيل عام 1998 والتى قضت على
ما يفوق على المليون هكتاراً من غابات السفانا وقد عانت المكسيك
أيضاً من الجفاف على مدار سبعين عاماً كما أدى إلى نشوب الحرائق
لتقضى على حوالى 3.000 متراً مربعاً من الأرض وانتشار دخانها إلى
جنوب الولايات المتحدة الأمريكية.
ويمكننا وصف حرائق الغابات بأنها أعظم كارثة بيئية لهذا العقد،
وكارثة أجيال لا تستطيع اتخاذ أية إجراءات وقائية بعيداً عن
السياسات والحكومات، ولكن عليها أن تدفع الثمن وتتحمل العواقب. ومن
المؤسف لا توجد هيئة جادة ترغب فى حماية مصالح هذه الأجيال المجهول
مصيرها.