كلنا سنكبر في يوم من الأيام، وستصبح التغيرات الفسيولوجية أمرا لابد منه، كما ستحدث أيضا تغييرات انفعالية وعقلية عند كبار السن، فالعمليات الفسيولوجية لا يمكن إيقافها برغم أن بعض التمارين الرياضية قد أفادت في تأخير آثار كبر السن.
هل يتعرض كبار السن إلى مشكلات نفسية وانفعالية لم يعانوا منها في شبابهم؟
حدد كبار السن عادة بمن تعدي سن الخامسة والستين. واتخاذ هذا السن ليحدد فئة كبار السن، كان مبنيا على قرار سياسي اجتماعي، وليس لأن سن الخامسة والستين حدا فاصلاً تبدأ عنده المشاكل الفسيولوجية والنفسية لكبر السن. ولكي نصل إلى بعض العلامات الواضحة لوصف اختلافات كبار السن، قسم العلماء المختصون مجموعة المسنين ممن وصلوا إلى سن الخامسة والستين وما بعدها، إلى فئتين، الفئة الأصغر سنا، وهؤلاء هم من بين سن الخامسة والستين والرابعة والسبعين، والفئة الأكبر سناً، وهم من بين الخامسة والسبعين وما بعدها، وتختلف صحة هاتين الفئتين في نواح كثيرة. المزيد عن مفهوم كِبر السن ..
من أعراض الشيخوخة تدهور تدريجي في القدرات العقلية على مدى سنوات طويلة لدرجة تؤثر على كفاءة المسن الاجتماعية والعمل. كما تتدهور القدرة على التذكر، والقدرة على التفكير المجرد، والحكم واللغة، كما تتدهور الشخصية، وصعوبة تذكر الأشياء هي العرض الرئيسي للشيخوخة، فمثلا قد ينسى المسن استكمال شيء بدأ في عمله، بعد أن يكون قد تركه لشيء آخر لفترة قصيرة، فالشخص الذي بدأ يملأ يراد الشاي بالماء يمكن أن يترك الماء يسقط دون انقطاع لتركه لأي سبب طارئ، وقد ينسى الأب اسم ابنه أو ابنته، وقد لا يتذكر الآباء أن لهم أطفالاً أصلاً، وتبدأ النظافة تسوء والمظهر يختل، عندما ينسى المسن آخر مرة دخل فيها الحمام، كما قد يفقد القدرة على ارتداء ملابسه.
* طب المسنين (علم الشيخوخة): علم الشيخوخة أو طب المسنين (Geriatrics) هو فرع العلوم الطبية الذي يهتم بصحة كبار السن والمسنين. يهدف لدراسة صحة كبار السن و علاج الأمراض الشائعة في الشيخوخة و علاج الآثار والإعاقات المترتبة عليها. كان علم الشيخوخة يتبع الأمراض الباطنية في بداية الأمر، ثم صار بعد ذلك علماً قائماً بذاته، مثله مثل طب الأطفال. ويعرف بأنه يكرس اهتمامه علي رعاية المسنين والأمراض المميزه لكبار السن والمشكلات التى تعتري الإنسان عند التقدم في العمر.
* الفرق بين الشيخوخة المريضة والشيخوخة السليمة: أولاً - الشيخوخة السليمة إن وصف البعض بأنهم يعيشون شيخوخة سليمة خالية من وجود حالات مرضية جسمية أو عقلية واضحة، لا ينفي التغيّر في عضو أو آخر من أعضاء الجسم. فهذا التغيّر هو أمر طبيعي ومنتظر في مرحلة الكبر والشيخوخة، وإن كان يتفاوت درجة بين مسنّ وآخر تبعاً لاستعدادات الفرد الطبيعية وتبعاً للمؤثرات الإيجابية أو السلبية التي رافقت مسيرته الحياتية. فهذه التغيّرات تزداد سلبية كلما أسرف الفرد في استخدام طاقاته الجسمية والنفسية، وكلما كثر تعرّضه لمصادر الشدة والإجهاد في مراحل حياته السابقة. المزيد عن الشيخوخة الصحية ..
ثانياً - الشيخوخة المريضة العلل والأمراض الجسمية التي تصيب المسنين كثيرة، منها ما هو طارئ، أو ما قد يأتي نتيجة حتمية ونهائية لعملية تدريجية من التغيرات العضوية المرضية، كأمراض القلب والشرايين والكلى والكبد والأمراض السرطانية... ومهما كانت الحالة المرضية فإنها تؤدي الى اختلال في توازن المسنّ مع ظروف حياته، فالمرض يجلب له شعوراً بالعجز والقلق والاكتئاب، وقد يكون بداية تحوّل جذري في سلوكه وتصرفاته وانفعالاته وعلاقاته مع الغير. ولعل من أهم خصائص الأمراض الجسمية في الشيخوخة ارتباطها المباشر وغير المباشر بالعلل النفسية والعصبية والعقلية، وقد يكون هذا الارتباط وثيقاً بحيث يصعب التفريق بين ما هو جسمي من الأعراض المرضية، وبين ما هو عارض من أعراض الشيخوخة في حد ذاتها.
* أمراض الشيخوخة: - مرض الزهايمر (النسيان) مرض الزهايمر هو حالة مرضية تصيب الخلايا العصبية في المخ وتؤدى إلى إفسادها وإلى انكماش حجم المخ. كما يصيب الجزء المسئول عن التفكير والذاكرة واللغة. وغالبا ما يحدث للأشخاص فوق سن الستين، ولكنه يمكن أن يصيب أشخاص في سن الأربعين. ويتسبب في أمراض أخرى (اختلال العقل) وانخفاض القدرات العقلية لكبار السن. المزيد عن مرض النسيان (الزهايمر) ..
- هشاشة العظام: هشاشة العظام هى حالة ضعف أو نقص في كثافة العظام والتي تؤدي إلي هشاشتها وسهولة كسرها. تحتوي العظام علي معادن مثل الكالسيوم والفسفور والتي تساعد علي بقاء العظام كثيفة وقوية. وهشاشة العظام فى سن الشيخوخة تحدث نتيجة نقص الكالسيوم بسبب تقدم العمر وعدم وجود توازن بين العظام التي تنكسر والعظام التي تنمو من جديد. وكلمة الشيخوخة تعني أن هذه الحالة لا تحدث إلا في الأعمار الكبيرة وهى عادة تحدث للأشخاص فوق سن السبعين، وتتضاعف عند السيدات أكثر من الرجال. بل ويتعرضن السيدات لكلا من هشاشة العظام بعد فترة انقطاع الدورة وفي سن الشيخوخة. وأقل من 5% من الأشخاص يتعرضون لنوعين من هشاشة العظام إما بسبب حالة طبية أخرى أو العقاقير. وتتمثل الحالات الطبية في: فشل مزمن في الكلى، أو خلل في الهرمون (خاصة هرمون الغدة الدرقية، أو الجار درقية أو خلل في الأدرينالين). العقاقير مثل "Corticosteroids, Barbiturates" مضادات التشنجات. كما تساعد تناول كمية كبيرة من الخمور والتدخين علي سوء الحالة وصعوبة الشفاء. المزيد عن هشاشة العظام ..
- مشكلة الخرف: مشاكل الخرف لا تتعلق بالذاكرة وحدها، كما قد يظن البعض، وإنما هي نقص في القدرات العقلية التي تشمل النسيان والقدرة على التحليل والتوجه Orientation في الزمان والمكان والتفكير Abstract thinking، إضافة إلى الذاكرة.
- المشاكل النفسية: تظهر مشاكل نفسية قد لا يلحظها حتى الطبيب عند المسنّ. وهي غالباً ما تكون إما اكتئاباً وإمّا قلقاً، اللذان يتمثلان فى الخوف من الوحدة والمستقبل والموت. وتبرز مشكلة الأرق عند المتقدمين في السن التي يكون باطنها قلقاً فلا يتمكنون من النوم، أو اكتئاباً، فيستيقظون باكراً يومياً. المزيد عن الأرق ..
- اضطرابات النوم: عند كبار السن تكون الساعة الحيوية أقصر من الطبيعي مما ينتج عنه النوم مبكرا خلال الليل والاستيقاظ مبكرا (فمثلا قد ينام كبير السن الساعة التاسعة مساء ويستيقظ الساعة الثانية صباحا). والتغيرات السابقة هي نتيجة لعدة تغيرات فالجسم توصل العلم إلى معرفة بعضها، فإفراز بعض المواد كهرمون الميلاتونين (هرمون النوم) يقل عادة عند كبار السن, كما أن أسلوب الحياة الذي يتبعه بعض كبار السن من قلة الحركة والخمول خلال النهار وعدم التعرض للضوء الخارجي يؤثر على جودة النوم.
- مشكلة سلس البول: يواجه المسنّ مشاكل سلس البول (التبول اللإرادى)، خاصة النساء منهم. وتنقسم إلى عدة أنواع، منها المرتبط بالمجهود والحركة، ومنها الوظيفيّ وسواه، ما يؤثر على هبوط المثانة ويؤدّي إلى التهابات والحاجة إلى ملازمة المنزل وعدم الرغبة فى الخروج منه.
- ضعف السمع: يعتبر ضعف السمع ثالث أكبر مشكلة في المسنين، ويكون أكثر في الرجال عنه في النساء وتكرار عدم القدرة علي سماع الآخرين يعطي المسن الشعور بعدم التواصل معهم ويشعره بالإحباط والعزلة. المزيد عن العزلة الاجتماعية .. والانفصال عن الآخرين ..
- ضعف الرؤية: يعانى كبار السن من مشاكل في النظر يكونون معرضين للسقوط بنسبة الضعف مقارنة بالذين لا يعانون من مشاكل في النظر وذلك لأهمية النظر في توازن الجسم. يوجد الكثير من أمراض العين التى يصاب بها المسن مثل المياه البيضاء والجلوكوما أو المياه الزرقاء. المياه البيضاء على العين .. المزيد عن المياه الزرقاء ..
- مشكلة السقوط: غالبية حالات السقوط عند كبار السن تكون بسبب المخاطر البيئية المحيطة بهم وغالبا ما تكون في المنزل مثل الإضاءة الخافتة، الأسطح التى تعرض للانزلاق، الأثاث القابل للسقوط والمفارش المتحركة، أو قد يكون لإصابات مرضية مباشرة كالجلطات الدماغية وغيرها.
- مرض الشلل الرعاش: الشلل الرعاش هو اضطراب فى المخ يصيب الإنسان بصعوبة فى الحركة والمشي وقدرات التنسيق، ومن أهم سماته اهتزاز أطراف الإنسان مثل اليدين.ينسب تسمية هذا المرض إلى الطبيب الإنجليزي "جيمس باركينسن" فى عام 1817 والذي قام بتشخيصه لأول مرة. يصيب هذا المرض ما يقرب من حوالي 2/1000 شخص وخاصة بعد سن الخمسين. الشلل الرعاش من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعاً عند تقدم الإنسان فى العمر، لكنه قد يصيب صغار السن من الشباب، وهو نادر الحدوث بين الأطفال ويصيب كلاً من الرجال والنساء. المزيد عن مر ض الشلل الرعاش ..
- مشكلة الإجهاد: يصاب كبار السن بالإجهاد والتعب عند بذل نشاط بدنى وخاصة فى ظل درجات الحرارة العالية جداً. فمع ارتفاع درجة الحرارة ونسبة الرطوبة يصعب كثيراً تنظيم درجة حرارة الجسم، والتي يمكن أن تزداد بشدة من خلال المجهود البدني والتعرض المكثف للحرارة المرتفعة. كما يؤدي ارتفاع نسبة الرطوبة إلى خلل في الوظائف المسئولة عن تنظيم درجة حرارة الجسم. إن عدم القدرة على تنظيم درجة حرارة الجسم والتخلص منها قد يؤدي إلى الإصابة بعدد من المشكلات الصحية المتعلقة بالحرارة مثل الإجهاد الحراري وضربة الشمس. المزبد عن الإجهاد الحرارى .. المزيد عن ضربة الشمس ..
* توصيات هامة لصحة المسن: - تشجيع فتح أندية خاصة بالمسنين، يكون فيها متخصصون رياضيون واجتماعيون ونفسيون، لرعاية المسنين من سن خمسين سنة وما بعدها. - وضع برامج علاجية لتوجيه المسنين ليتوافقوا مع مرحلة الشيخوخة، ويقبلوا مطالبها وصعوباتها. - قيام وسائل الإعلام بتوعية الآباء والأبناء، بأساليب التعامل مع كبار السن، حتى يخففوا عليهم، الصعوبات الصحية والاجتماعية والنفسية، التي يعانون منها ويواجهونها. - توجيه الموظفين الذين وصلوا إلى سن الخامسة والخمسين، إلى وضع برامج تخطيطية لنوع الحياة التي سيحيونها بعد سن التقاعد، نوع الأنشطة الرياضية والاجتماعية والثقافية، التي تتفق مع هواياتهم وميولهم وقدراتهم ومستوى صحتهم الجسمية والنفسية، ليمارسوها بعد التقاعد. - أن تشترك الزوجة، التي في الغالب تكون أصغر سنا من زوجها وأصح جسما ونفسا مع زوجها، للتخطيط لمرحلة ما بعد التقاعد، وتحديد نوع الحياة في هذه المرحلة. - أن يستمر التواصل بين الأبناء المتزوجين والمستقلين، في مساكن بعيدة، مع الآباء المسنين، ورعايتهم مالياً وصحياً واجتماعياً ونفسياً. - أن تستمر رعاية المؤسسة التي كان يعمل بها المسن في التواصل معه ورعايته ومتابعة أخبار صحته ونشاطه، حتى يشعر بالرضا النفسي وأن المجتمع لم ينس أفضاله وإسهاماته.
* المراجع:
"Mechanisms of Aging" - "programmed-aging.org".
"The Concept of "Aging Successfully" Seems Wrongheaded" - "fightaging.org".
"Aging and Disease" - "aginganddisease.org".
"What is Aging ? Aging - Disease Connection" - "longevity-science.org".