*
ظاهرة الانتحار: إن الشخص الذي يُقدم على الانتحار، تشير جميع تصرفاته التي يسلكها إلى هذا الفعل السلبي المميت وتتعدد وسائل الانتحار
من تناول جرعة كبيرة من إحدى الأدوية أو القفز من ارتفاع عالٍ، أو بعيار نارى بالمسدس أو بقطع الشرايين بواسطة أداة حادة مثل السكين .. وغيرها من
الوسائل التي تؤدى إلى حتمية الوفاة بنسب مرتفعة.
فالشخص الذي يحاول الانتحار، هو شخص يحاول أن يجد مخرجاً للأزمة التي يمر بها في حياته أو يحاول الهروب منها لأنها من
وجهة نظره يستحيل تعامله معها. وغالبية الأشخاص التي تسعى إلى هذا الفعل تريد التخلص من المشاعر المحبطة التي تحيط بها، والمتمثلة في:
- الشعور بالخزي أو الخجل أو حتى عدم الرغبة في أن تكون عبئا على الآخرين. - شعورها بأنها ضحية. - شعورها برفض الآخرين لها أو بالضياع أو بالوحدة.
* ما هى أسباب الانتحار؟ "يشير السلوك الانتحاري إلى التعاسة العميقة لكن ليس بالضرورة إلى الاضطراب النفسي. لا يتأثر كثير من الناس المتعايشين مع الاضطرابات النفسية بالسلوك الانتحاري، وليس كل الناس الذين ينتحرون لديهم اضطراب نفسي". إذن ما هي أسباب الانتحار؟ لماذا ينهي عدد كبير من الناس حياتهم كل عام؟ هل هو بسبب الفقر؟ البطالة؟ انهيار العلاقات؟ أم هو بسبب الاكتئاب أو الاضطرابات النفسية الخطيرة الأخرى؟ هل الانتحار نتيجة لفعل متهور، أم أنه نتيجة لتأثيرات الكحوليات أو العقاقير؟ هناك العديد من هذه الأسئلة، إلا أنه لا توجد إجابات بسيطة لها. ولا يوجد عامل واحد يكفي لتفسير سبب إنهاء شخص لحياته .. على الرغم من أن كل هذه الأسئلة هى أسباب جوهرية تدفع الإنسان إلى التفكير فى الانتحار بل واقترافه فعلياً. المزيد عن الفقر .. المزيد عن الاكتئاب ..
إن السلوك الانتحاري هو ظاهرة معقدة تتأثر بعدة عوامل تتفاعل مع بعضها البعض- عوامل شخصية واجتماعية ونفسية وثقافية وبيولوجية وبيئية في حين أن العلاقة بين الانتحار والاضطرابات النفسية مثبتة جيداً. وتقع العديد من حالات الانتحار بشكل كبير في لحظات الأزمة، وفي هذه الظروف، تحدد سهولة الحصول على وسائل الانتحار - مثل المبيدات الحشرية أو الأسلحة النارية - ما إذا كان الشخص سيعيش أو سيموت. وتشمل عوامل الخطر الأخرى التي قد تؤدي إلى الانتحار انهيار القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة الحادة أو المزمنة، مثل المشاكل المالية. فقدان العمل. بالإضافة إلى ذلك، ترتبط حالات العنف القائم على نوع الجنس وانتهاك الأطفال ارتباطاً قوياً بالسلوك الانتحارى، كما تختلف معدلات الانتحار أيضاً داخل البلدان، وتكون أعلى المعدلات بين من ينتمون إلى الأقليات أو الذين يعانون من التمييز. المزيد عن الضغوط .. المزيد عن التمييز والجهود المبذولة للقضاء عليه.. بالإضافة إلى الإصابة بالأمراض المزمنة والعوامل الوراثية والبيولوجية من بين الأسباب التى تدفع الشخص إلى الانتحار بالمثل. حيث ترتبط التغيرات الوراثية أو النمائية في عدد من الأجهزة العصبية الحيوية بالسلوك الانتحاري، على سبيل المثال، ترتبط المستويات المنخفضة من مادة السيروتونين الذين يعانون من اضطرابات المزاج، والفصام واضطرابات الشخصية بمحاولات الانتحار الخطيرة .. وبهذا يمثل التاريخ العائلى للانتحار لدى الفرد عامل خطر قوى للانتحار.
والمواقف التي تزج بالشخص للتفكير في وضع نهاية لحياته، العوامل التالية أيضاً: - التقدم في السن (حيث يمثل هذا العامل أكبر نسب الإقدام على الانتحار بشكل عام). - موت شخص عزيز. - التعرض لأذى نفسي. المزيد عن العنف الأُسرى .. أنواعه وآثاره السلبية .. - الإصابة بمرض عضوي خطير بخلاف الأمراض المزمنة.
* عوامل الخطورة: وإذا كانت أعلى نسب الانتحار تتمثل بين المسنين، فإن المراهقين ينالهم نسبة لا بأس بها من حالات الانتحار بالمثل، وذلك للتقلبات المزاجية والاندفاع الشعوري الذي يصيب المراهق أو المراهقة آنذاك. المزيد عن العناية بالمراهقين .. ومن العوامل التي تزيد مخاطر إقدام المراهق/المراهقة على الانتحار التالي: - إقدام أحد أفراد العائلة على الانتحار أمام المراهق/المراهقة. - تاريخ من إهمال المراهق/المراهقة آو الإساءة إليه/إليها. - الحياة في مجتمعات منتشرة حالات الانتحار بين أفرادها. - فشل علاقة عاطفية.
غالبية حالات الانتحار تحدث الوفاة تالية عليها، والنسب الأقل منها يقترفها صاحبها بحيث تكون هناك إمكانية لإنقاذه مثل الصراخ طلباً للمساعدة حتى لا يموت أو باستخدام وسيلة قابلة لإنقاذ حياته مثل أخذ جرعات عالية من دواء ما أو أخذ سُم. أما الذكور فيميلون إلى استخدام وسائل أكثر عنفاً لوضع نهاية لحياتهم مثل إطلاق عيار ناري على النفس .. لذا فإن غالبية حالات الانتحار بين الذكور تنجم عنها الوفاة وتقل نسب الإنقاذ معهم، أما الإناث فيميلون إلى أخذ جرعات كبيرة من الأقراص الدوائية.
* الأعراض: في الغالب يبدو على المنتحر بعض العلامات التي تُنذر بنيته في ارتكاب فعل الانتحار – لكن ليس عادة – ومن بين هذه الأعراض: - عدم قدرته على التركيز أو التفكير بشكل واضح. - الاستغناء عن مقتنياته. - التحدث عن رغبته في الرحيل. - التغير الفجائي في السلوك من حالة القلق العارمة إلى حالة من الهدوء النسبي. المزيد عن اضطراب القلق .. - فقد الرغبة في ممارسة الأنشطة التي يحبها ويحرص الشخص على ممارستها من قبل. - الإقدام على سلوكيات تدميرية للنفس من شرب الكحوليات أو إدمان المخدرات أو جرح النفس. المزيد عن إيذاء النفس ..
- تفضيل العزلة والانسحاب من المحيط الاجتماعي، وعدم الرغبة في الخروج والتنزه. - عدم القدرة على مواصلة العمل أو مجال الدراسة. - التحدث إلى الآخرين عن الموت والانتحار، بل والتصريح بالرغبة في إيذاء النفس. - التحدث عن مشاعر الخزي أو الإثم. - تغير في أنماط النوم أو في العادات الغذائية. - ترتيب إحدى الوسائل التي يتم قتل النفس بها عن عمد مثل شراء مسدس أو شراء أقراص بكميات كبيرة. المزيد عن العزلة الاجتماعية .. والانفصال عن الآخرين ..
* طرق الانتحار: يحمل معظم الأشخاص الذين ينخرطون في السلوك الانتحاري مشاعر حول رغبتهم في الموت في وقت قيامهم بالانتحار، وبعض الأفعال الانتحارية هي ردود أفعال متسرعة لضغوطات نفسية واجتماعية حادة. إن تغطية طرق الانتحار أفضل بكثير بالنسبة للبلدان مرتفعة الدخل مقارنة بالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وفي البلدان المرتفعة الدخل، يمثل الشنق 50% من حالات الانتحار، وتكون الأسلحة النارية هي الوسيلة الثانية الأكثر شيوعاً لحالات الانتحار والتى تمثل 18% من حالات الانتحار. أما من بين وسائل الانتحار فى البلدان المنخفضة أو المتوسطة الدخل يكون من خلال التسمم بالمبيدات الحشرية – وخاصة فى المناطق الريفية التى يعمل أفرادها بالزراعة حيث توافر المبيدات الحشرية، وهذه الطريقة يمكن النجاة منها أو يمكن تقليص فرص الانتحار معها إذا تم وضع قيود على استخدام المبيدات الحشرية. القفز من المباني العالية هي من الطرق الشائعة للانتحار فى المجتمعات التى بها مبانى شاهقة. كما بدأ استخدام فحم الشواء لإنتاج غاز أول أكسيد الكربون مرتفع السُمية كوسيلة للانتحار. المزيد عن أضرار غاز أول أكسيد الكربون .. وفى الآونة الأخيرة في بعض الأماكن يشمل خلط المواد الكيميائية لإنتاج غاز كبريتيد الهيدروجين (على سبيل المثال في اليابان) واستخدام غاز الهيليوم من الطرق الشائعة للانتحار. كما أن الأفراد الذين أقدموا على الانتحار فيما سبق هم الأكثر عرضة لمخاطر الوفاة عن طريق الانتحار مقارنة بغيرهم ممن لم يقوموا بأية محاولات انتحار سابقة.
* العلاج: الشخص الذي يفكر في الانتحار لا يطلب المساعدة أو العلاج وذلك لعدة أسباب: - لاقتناعه التام بأنه لا يوجد علاج يُجدى معه أو يقدم له المساعدة. - لأنه لا يريد إخبار الآخرين بالمشاكل التي يمر بها. - لأنه يعتقد أن طلب المساعدة من الغير يعتبر نقطة ضعف. - أو لأنه يجهل ممن يطلب المساعدة.
وبعد محاولة الانتحار التي يقترفها الشخص يكون بحاجة إلى الإسعافات الأولية الفورية وتلقى علاج مكثف، والكثير من هؤلاء الأشخاص يكونون بحاجة إلى البقاء في المستشفى لتلقى العلاج ولتجنب تكرار محاولة الانتحار.
والعلاج النفسي هو الأكثر فاعلية في مساعدة الشخص الذي فكر أو حاول الانتحار بالفعل، لأن الاضطرابات العقلية لها نصيب كبير في حدوث ذلك. وهنا تأتى حتمية تشخيص الاضطراب وتقييمه ثم علاجه إذا كان هو السب وراء محاولة الانتحار مثل الاضطراب ثنائي القطب واضطرابات الشخصية أو إدمان الكحوليات والعقاقير أو الإصابة بالاكتئاب أو الشيزوفرنيا.
لا تترك الشخص الذي أقدم على الانتحار بمفرده حتى لو كان هو من طلب إنقاذه.
ما يقرب من 1/3 نسبة الحالات التي أقدم أصحابها على الانتحار يعاودون المحاولة مرة أخرى في خلال عام، والشخص الذي يحاول الانتحار أو مجرد يفكر فيه لا يمكن تركه بمفرده على الإطلاق أو الاكتفاء بملاحظته فهو بحاجة إلى العلاج النفسي.
* الوقاية: للحد من عوامل الخطورة التي قد تساهم في محاولة الشخص للانتحار، وللوقاية من حدوث ذلك لابد وأن تتبع النصائح الإرشادية الوقائية التالية: - تجنب شرب الكحوليات والعقاقير الإدمانية. - إذا كان هناك أطفال أو أبناء في سن المراهقة، لابد وأن: - يتم الاحتفاظ بأية أدوية بعيدة عن متناول أيديهم أو في خزانات مقفلة. - بقاء المنزل خالياُ من الكحوليات. - عدم الاحتفاظ بأية أسلحة نارية في المنزل، وإذا كانت هناك ضرورة من وجودها لابد من حفظها في مكان آمن. - في كثير من الأحيان يشير الشخص الذي يحاول الانتحار عن نيته في القيام بذلك، فلا يجب إغفال هذه الحالات الشعورية التي تنذر بوقوع الخطر وعليه لابد من تقديم العناية والملاحظة الكافية الأمر الذي يساهم في خفض احتمالية الإقدام على الانتحار. - إذا كان هناك فرد من بين أفراد العائلة أو صديق مقرب أفصح عن رغبته في الانتحار من الممكن تقديم المساعدة غير المباشرة له بدون أن يشعر، من اللجوء إلى الأطباء النفسيين المتخصصين لمساعدته في الإقلاع عن فكرة الانتحار. - لا تتجاهل التهديد بالانتحار أو محاولاته الفعلية.