* المطبخ الصينى:
المطبخ الصينى من المطابخ القديمة التى يعود تاريخها
إلى آلاف السنين، ولازالت تعاليم "بوذا" و"كونفوشيوس"
تلعب دوراً كبيراً في المطبخ الصيني وفى حياة الشعب الصينى.
اللحم عند الصينى يرتبط بشكل كبير بمرض الإنسان .. أما الخضروات والفواكه الطازجة فكلها فائدة، فإذا
كان طهاة هذا المطبخ يقومون بطهى أى شىء يتخيله الإنسان من طحالب
البحر والعصافير وحتى التماسيح وأشياء أخرى كثيرة، إلا أن الخضروات
هي الطبق الأول على المائدة الصينية سواء كانت نيئة أم مسلوقة. المزيد عن أهمية تناول الفاكهة والخضراوات ..
إن وظائف الجسم من وجهة النظر الصينية تتبع مبادىء
الين يانج (Yin – Yang principles)، فهناك أطعمة تقع
فى نطاق طاقة "الين" وهناك أطعمة أخرى تتبع طاقة "اليانج"
– حيث أن "الين واليانج" هما قوى فى الجسد عندما يحدث
عدم اتزان بينهما تظهر المشكلات الصحية. فحتى إذا كان
الجسم طبيعى، فإن الإفراط فى تناول نوع واحد من
الأطعمة قد ينجم عنه تزايد فى إحدى القوى على حساب
الأخرى والذى ينجم عنه إصابة الإنسان بالأمراض .. لذا
يحرص الصينيون على أن تكون خياراتهم من الأطعمة صحية
فى المقام الأول على الرغم من حبهم وشغفهم لتناول
الطعام.
علامة
"ين ويانج" ترمز لكيفية عمل الأشياء في العلم الصيني
القديم وتتمثل العلامة من دائرة مقسمة إلى شكلين
متساويين أبيض وأسود والدائرة الخارجية تمثل "كل شئ"،
بينما الشكلان الأبيض والأسود داخل الدائرة يمثلان
التداخل بين طاقتين متضادتين، طاقة الين "الأسود"
وطاقة اليانج "الأبيض" الطاقتان المؤديتان لحدوث أي
شيء في الحياة.
- معلومة هامة:
البوذية (Buddhism) هى إحدى الديانات التى ظهرت فى
الهند عام 600 قبل الميلاد على يد "سيدهارتا جواتاما/
Siddhartha Gautama" في العائلة المالكة، ويؤمن
البوذيون أن الهدف الأسمى في الحياة هو الوصول الى "التنوير"
والاستنارة من وجهة نظرهم تكون في "الطريق الوسط"، ليس
في الإنغماس في الرفاهية وكذلك ليس في تعذيب الذات.
وقد توصل "جواتاما" إلى ما عُرف فيما بعد بـ "الحقائق
الأربعة النبيلة":
1- الحياة معاناة (دوكا).
2- المعاناة تأتي من الرغبات.
3- يمكن أن ينهي الإنسان كل معاناة بالتخلي عن كل ما
يتعلق به.
4- هذا يتحقق باتباع الطريق الثماني النبيل، ويتكون "الطريق
الثماني" من أن يكون لدى الشخص:
1- نظرة صحيحة.
2- نية صحيحة.
3- كلام صحيح.
4- أعمال صحيحة.
5- معيشة صحيحة (الرهبنة).
6-المجهود الصحيح (توجيه الطاقة بطريقة صحيحة).
7- التفكير بطريقة صحيحة (التأمل).
8- التركيز الصحيح.
كونفوشيوس (Confucius) هو أول فيلسوف صينى يتوصل إلى
فلسفة تتضمن على كل التقاليد الصينية الخاصة
بالسلوكيات الاجتماعية والأخلاقية، فمذهبه يقوم على
القيم الأخلاقية الشخصية وعلى أن تكون هناك حكومة تخدم
الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى، لكن هذه الفلسفة قد
انحسرت تماماً عن الصين بعد أن تحولت إلى الشيوعية،
وبالرغم من ذلك فقد حققت سلاماً وأمناً داخلياً أكثر
من عشرين قرناً للصين.
* العود الخشبى وتناول الطعام فى الصين:
تعاليم "كونفوشيوس" عند الصينين تدعو إلى السلام والمحبة بشكل كبير، ولذا فهى تمنع استخدام أية أدوات
حادة على مائدة الطعام مثل الشوكة والسكين ومن هنا جاءت فكرة استخدام العيدان الخشبية فى تناول الطعام
بشرط ألا تكون مدببة أو على أى شكل يساهم فى إيذاء الإنسان، وكل الأطعمة يتناولها الشعب الصينى بالعيدان
الخشبية .. فلا يوجد طعام بدون عيدان خشبية يٌقدم من خلالها، فالأرز بحباته الصغيرة يتم تناوله
بالعيدان الخشبية، ويقطع البيض بجميع أنواعه ليس فقط بيض الدجاج وإنما بيض السمك بالمثل لتتخلله العيدان
الخشبية، اللحوم بكافة أنواعها التى يمكن ان يتخيلها الشخص تُقدم قطعها فى العيدان الخشبية والأسماك
والخضراوات والفاكهة .. فلا يمكن الاستغناء عن هذه الأداة الرئيسية من أدوات المائدة فى الطعام الصينى.
وهناك قواعد يتم بها تقديم هذه العيدان على المائدة فهى لا توضع على الأطباق التى يتم تغييرها أو الأطباق
الكبيرة ولكنها توضع على قطعة خشبية تشبه الهلال، كما لا ينبغى الإمساك بها بدون تناول الطعام كاللعب فى
الطبق وخاصة بعد الانتهاء من الطعام أو تحريكها فى الهواء للاعتقاد بأنها تجلب الحظ السيىء كما لا يتم
الإمساك بها مثل الإمساك بالسكين أو مثل أى آلة قتالية حادة لأن فى هذا تعارض مع تعاليم "كونفوشيوس" التى تدعو إلى السلام.
* الصين والثمانية مطابخ:
الطهى الصينى لا يهتم فقط بالمذاق وتنوع الأطعمة التى تصل إلى حد الغرابة، وإنما الرائحة والشكل والألوان
تنال من اهتمام الطهاة والأفراد عند إعداد وجباتهم الغذائية الصينية. الصينيون يقدسون الطعام ليس فى صورة
النهم وتناول الكميات الكبيرة وإنما فى صورة الحرص على تناول الوجبات فى مواعيد منتظمة ومحددة، مع
التدقيق فى اختيار نوعية المواد الغذائية التى يقبلون على تناولها فهم يؤمنون بأن ليس كل الطعام مفيداً
لحياة الإنسان ولاستمرارها ولذا كان اختياراتهم تنصب على المأكولات من الخضراوات والفواكه الطازجة مع
الابتعاد عن اللحوم التى يؤمنون بتأثيرها السلبى على الصحة .. فهم يهتمون بأكل الطعام الجيد وليس الطعام الكثير.
يحتوى الطعام الصينى على مكونات صحية ومتنوعة ومتعددة وغريبة فى نفس الوقت، والسبب الرئيسى وراء هذا التنوع
والغرابة هو أن الصين مرت بمجاعات صعبة فأصبح الناس مرغمون على استكشاف كل ماهو جيد وممكن للأكل ليبقوا أحياء.
المطبخ الصينى يتميز بأساليبه المتعددة فى إعداد الأطعمة وفى طرق الطهى، لذا فهو يتكون من ثمانية مطابخ
أو ثمانية أساليب للطهى رئيسية، وكل مطبخ يختلف فى طريقة إعداده للأطعمة عن المطبخ الآخر.
والثمانية مطابخ هى على النحو التالى:
1- شاندونج (Shandong)، فطبق شاندونج يتميز باستخدام البصل والثوم بكثرة، والمأكولات البحرية وأحشاء الحيوانات. المزيد عن فوائد البصل .. المزيد عن فوائد الثوم ..
3- جوانج دونج (Guangdong)، يتميز هذا الطبق بقلى مكوناته وتحميرها.
4- فوجيان (Fujian)، يتميز هذا الطبق فيتميز بالحلاوة والحموضة في آن.
5- جيانجسو (Jiangsu)، بقوامه السميك وقلة الدهون فيه، ومن أشهر أكلاته السمك بالبط، وزعانف القرش والدجاج مع البطيخ. المزيد عن البطيخ ..
6- تشجيانج (Zhejiang)، مذاقه غيرحاد ومن أشهر أصنافه الجمبري بشاي "لونج جينج" والدجاج المشوي.
7- هونان (Hunan)، وهو الطبق الذى يتم إضافة التوابل الحارة إليه.
8- آنهوي (Anhui)، هذا المطبخ تُقدم أكلاته المضاف إليها الأعشاب البرية والبحرية، وهو قريب الشبه بأطباق المطبخ (جيانجسو).
ومن الطبيعى أن تكون المواد الغذائية المستخدمة فى إعداد الأطعمة هى التى تنمو وتُزرع فى الصين أى
الاعتماد على الموارد الطبيعية من المحاصيل المزروعة فى إعداد أطعمتهم، واعتمادهم على الحيوانات التى يربونها بالمثل.
ومن أشهر المواد الغذائية التى يعتمد عليها الصينى فى إعداد وجباته بشكل يومى وفى المناسبات المختلفة:
- النشويات مثل الأرز والقمح والبطاطا .. وغيرها. المزيد عن فوائد الأرز .. المزيد عن البطاطا ..
- البقوليات: فول الصويا بمنتجاته المتعددة، الفول السودانى. المزيد عن فول الصويا .. المزيد عن الفول السودانى ..
- الخضراوات: تدخل العديد من الخضروات المعروفة في أكولات المطبخ الصينية منها الفلفل الأحمر والأصفر
والقرنبيط والخيار والبسلة. أما الخضراوات التى يشتهر بها المطبخ الصيني فهى الحلبة المزرعة والصويا والتوفو
والبطاطا والبصل الأخضر والقلقاس وصلصة الصويا. وتدخل صلصة الصويا في جميع الأكلات تقريبا وكذلك الأرز،
بالإضافة إلى الكرنب الصينى، الخردل، اللفت وعش الغراب. المزيد عن اللفت .. المزيد عن عش الغراب ..
- الفاكهة: الخوخ، المشمش، البرقوق، التفاح، البلح،
الكمثرى، البرتقال. المزيد عن الخوخ .. المزيد عن التفاح .. المزيد عن البلح .. المزيد عن البرتقال ..
- اللحوم: لحم الخنزير والكلاب واللحم البقرى والماعز ولحم الغزال والدجاج والبط والأوز والحمام وأنواع
متعددة من الأسماك. المزيد عن أهمية تناول الأسماك وأوميجا – 3 ..
- التوابل: الفلفل الأحمر، الزنجبيل، الثوم، البصل،
القرفة. المزيد عن فوائد الزنجبيل .. المزيد عن فوائد القرفة ..
ولا يقتصر الأمر على هذه المحاصيل وإنما توجد أنواع أخرى يعتمد عليها المطبخ الصينى يتم زراعتها فى الصين
دون غيرها من البلدان الأخرى والتى تمثل الموارد الطبيعية المحلية، ومن بينها:
- الشعيرية الصينية:
تصنع (النودلز الصينية) من نشا الأرز وتسلق في البداية قليلاً ثم تغسل بشكل جيد، وبعدها يمكن إضافتها إلى
الحساء، وتكون لذيذة أيضاً عند قليها بالزيت مع الخضراوات.
- الأسماك فى الصين:
الصين غنية بالموارد المائية التى تتمثل فى الأنهار والبحيرات لذا فإن أطباق السمك تُعد من الأطباق
المشهورة والمفضلة عند الشعب الصينى حيث تكثر أنواعه وتتعدد طرق طهيه إما كاملاً أو بعد إخلائه من العظم
ونزع الجلد كما يستخدمون أحشائه بالمثل، ويُصنع منه حساء لذيذ لتناوله بمفرده أو بإضافته إلى أطباق السمك.
* عادات وتقاليد متصلة بتناول الطعام فى الصين:
النظام الغذائى الصحى هو أساس المطبخ الصينى وأساس إعداد الأطعمة فيه، فيبذل الفقير والغنى من الشعب
الصينى قصارى الجهد من أجل رفع جودة الأطعمة التى يتناولونها وذلك بالتركيز على المكونات الغذائية لكل
وجبة يومية، بل ولكل وجبة فى مختلف المناسبات أنماط والأنشطة المتصلة بالمراسم الاجتماعية والأعياد
التقليدية الهامة والمناسبات الدينية والزفاف والجنازة وأعياد الميلاد وعند إنجاب الأطفال أو حتى الانتقال إلى منزل جديد.
العادات والتقاليد الخاصة بالطعام والشراب تختلف من مدينة إلى أخرى فى الصين، فكان سائداً فى مدينة بكين
قدمياً أن إكرام الضيف يتمثل فى تقديم المكرونة التى تكون بمثابة رمزاً عن رغبة أهل المنزل فى أن يقوم
ضيفهم بالمبيت معهم.
أما مع زيارات الأقارب والأصدقاء يتم إهداء ثمانية أنواع من المعجنات المحلية المتواجدة فى البكين للمضيف.
وفى الريف الصينى فى الجنوب، عند مجيء الضيف يقوم المضيف بتقديم الشاى له ثم يسلق له عدد من بيض الدجاج
ويضيف إليه السكر أو يعد المعجنات المضاف إليها السكر وذلك كطبق لتحية الضيف حتى يتم إعداد الوجبة الرئيسية له. المزيد عن السكر ..
وفي مدينة "تشيوانتشو" بمقاطعة "فوجيان" في شرقي الصين، يقوم المضيف بشراء الفواكه الحلوة للضيف وخاصة اليوسفى
لأنه يشبه لفظ البركة فى اللغة العامية الصينية فهو يُقدم للضيوف كتعبير مجازى للترحيب بهم وتمنى العيشة المباركة والحلوة مثل ثمار اليوسفى.
تختلف حجم مأدبة الطعام باختلاف المناطق وباختلاف المناسبات:
ومن ضمن المناسبات الاجتماعية الهامة فى الصين كما الحال مع بلدان العالم الأخرى هى مأدبة الزفاف الذى
يتم الإعداد لمراسمه بشتى الطرق والأساليب التى تختلف من بلد لآخر، ففي مقاطعة "شنشي" بغرب الصين على سبيل
المثال كل طبق يُقدم فى احتفالية الزفاف يكون له معنى خاص: فتقديم طبق اللحم الأحمر يعنى تمنى السعادة التى
تعم منزل الزوجية الجديد، وهناك طبق آخر يتألف من أصناف مختلفة من اللحوم والخضراوات الذى يعنى الدعوة
إلى تماسك الزوج والزوجة ومشاركتهم لبعضهم البعض فى السراء والضراء، والطبق الثالث يكون من الأرز الأبيض
المضاف إليه التمر الصينى والزنبق وغيرها من المواد الأخرى ويرمز هذا الطبق إلى تمنى الزواج السعيد، وهناك
مقاطعات أخرى فى الصين تصل عدد الأطباق التى تقدم فى حفلات الزفاف إلى 14 طبق أو 24 أو 36 طبق من الأصناف
المختلفة من الأطعمة.
هذا بالنسبة للأطعمة التى تُعد فى مراسم الزواج، وهناك مآدب أخرى تًقام لتهنئة المسنين باعياد ميلادهم والتى
تُسمى بمآدب العمر المديد وغالباً ما يكون الطبق الرئيسى المقدم فيها من المكرونة والتى تُسمى بـ "مكرونة
العمر المديد" أيضاً.