عندما يتقدم العمر بالإنسان، فإن إتباع نظام من الحياة يعمه النشاط يكون أكثر أهمية عن ذى قبل، فهناك أنماط من الأنشطة ينبغى أن يحرص المسن على ممارستها من النشاط البدنى والنشاط الاجتماعى والنشاط المهنى.
ومواصلة المسن لهذه الأنماط المختلفة من الأنشطة يضمن تمتعه بصحة جيدة. فالنشاط البدنى يعمل على تقوية العضلات والعظام التى تمكن المسن من الاعتماد على نفسه لأطول فترة ممكنة فى القيام باحتياجاته. كما يقدم الوقاية له من الإصابات المختلفة التى تكون بسبب وهن العضلات أو العظام مثل السقوط أو مشاكل عدم الاتزان، ويقلل من مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية أو السكتة الدماغية أو الإصابة بالأمراض المزمنة والاكتئاب النفسى. المزيد عن اضطرابات الاتزان عند كبار السن .. المزيد عن الأزمات القلبية .. المزيد عن السكتة الدماغية .. المزيد عن الاكتئاب النفسى ..
ومداومة المسن على حالة النشاط والحركة يساعده على تدعيم الطاقة بجسده بالمثل، والحركة هى علاج فعال للتعامل مع أعراض الآلام التى تنتابه بين الحين والآخر. وكون المسن بعيداً عن الخمول وفى حالة نشاط وحركة، ليس معناه أن أعضاء جسده هى التى تستفيد فقط بل يستفيد العقل والمزاج والذاكرة أيضاً. وسواء أكان الشخص يتمتع بصحة سليمة أو يعانى من مرض ما فهو بحاجة إلى ممارسة الحركة .. وهناك العديد من أنماط الحركة التى تناسب كل شخص وتناسب حالته الصحية وتعزز ثقته بنفسه.
* الفرق بين النشاط البدنى والنشاط الرياضى (التمارين الرياضية): تشير منظمة الصحة العالمية إلى ضرورة عدم الخلط بين النشاط البدنى والنشاط الرياضى: "لا ينبغي الخلط بين مصطلحي "النشاط البدني والتمرين". ذلك أن التمرين يمثل فئة فرعية من النشاط البدني غالباً ما تكون منظمة ومنسقة ومتكررة ومحددة الغاية بحيث يكون الغرض المنشود تحسين أو صون واحد أو أكثر من عناصر اللياقة البدنية. أم النشاط البدني فيشمل التمرين وأنشطة أخرى تنطوي على حركات بدنية وتتم في إطار اللعب والعمل والنقل النشط والأشغال المنزلية والأنشطة الترفيهية". أى أن النشاط البدني هو كل حركة جسمية تؤديها العضلات الهيكلية وتتطلّب إنفاق كمية من الطاقة، وهو سلوك يقوم به الفرد بغرض العمل أو الترويح أو العلاج أو الوقاية، سواء كان عفوياً أو مخططاً له. المزيد عن العمل من المنزل .. إرشادات عامة ..
كما أشارت فى المقابل إلى مخاطر الخمول البدني (نقص النشاط البدني) على أنه يحتل المرتبة الرابعة ضمن العوامل الرئيسية الكامنة وراء الوفيات التي تسجل على الصعيد العالمي (6% من الوفيات العالمية). وتشير التقديرات إلى أن الخمول البدني يمثل السبب الرئيسي الذي يقف وراء حدوث نحو 21% إلى 25% من حالات سرطاني القولون والثدي، و27% من حالات داء السكر. المزيد عن سرطان القولون .. المزيد عن سرطان الثدى .. المزيد عن مرض السكرى .. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنه يمكن للبالغين، إذا ما مارسوا نشاطاً بدنياً بانتظام وبوتيرة كافية، من تحقيق ما يلي: - الحد من مخاطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وأمراض الشرايين التاجية، والسكتة الدماغية، والداء السكري، وسرطاني الثدي والقولون، والاكتئاب، ومخاطر السقوط. - تحسين صحة العظام والصحة الوظيفية. - الإسهام بشكل مفيد في إنفاق الطاقة والتمكن من بلوغ توازن الطاقة والتحكم في الوزن.
تتضمن الأنشطة البدنية للمسنين وفقاً لمنظمة الصحة العالمية: - أنشطة وقت الفراغ. - أنشطة التنقل (مثل المشي أو ركوب الدراجات). - الأعمال المنزلية. - اللعب. - المباريات. - الألعاب الرياضية أو التدريبات المخططة في إطار الأنشطة الأسرية والمجتمعية اليومية.
ومن أجل تحسين لياقة الجسم بكافة أعضاء جسم المسن وبالمثل الارتقاء بصحته النفسيةـ يوصى له بممارسة الأنشطة التالية: - ضرورة ممارسة الأشخاص البالغين 60 عاما أو أكثر 150 دقيقة على الأقل من النشاط البدني المعتدل الشدة وتوزيعها على مدار الأسبوع، أو 75 دقيقة من النشاط البدني المرتفع الشدة وتوزيعها على مدار الأسبوع، أو مزيجا من النشاط البدني المعتدل الشدة والمرتفع الشدة.
- ممارسة التمرينات الهوائية في نوبات مدة كل منها 10 دقائق على الأقل، ومن الأمثلة على الأنشطة الهوائية المعتدلة الشدة: - المشي السريع. - القيام بالتمارين الرياضية المائية. - ركوب الدراجة على أرض مستوية. القيام بلعبة التنس الزوجي. - القيام بأعمال الحدائق.
- لجني المزيد من الفوائد الصحية، ينبغي للبالغين من هذه الفئة العمرية زيادة النشاط الهوائي المعتدل الشدة إلى 300 دقيقة كل أسبوع، أو ممارسة 150 دقيقة من النشاط البدني الهوائي المرتفع الشدة كل أسبوع، أو مزيجا من النشاط البدني المعتدل والمرتفع الشدة، ومن أمثلة النشاط البدنى الهوائى مرتفع الشدة: - السباحة. - لعبة التنس الفردية. - الجرى أو الهرولة. - قفز الحبل.
- ينبغي للبالغين من هذه الفئة العمرية قليلي الحركة ممارسة النشاط البدني 3 مرات أسبوعيا أو أكثر لتعزيز التوازن، والوقاية من السقوط.
- ينبغي في حالة عدم تمكن كبار السن من أداء مقدار النشاط البدني الموصى به نتيجة ظروف صحية، ممارسة النشاط البدني بالقدر الذي تسمح به قدراتهم وحالتهم الصحية.
- فوائد ممارسة المسن للنشاط البدني: وطبقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية أن من يمارسون النشاط البدني يتسمون، مقارنة بمن لا يمارسونه، بالخصائص التالية: - انخفاض معدلات الوفيات الناجمة عن جميع الأسباب، ومعدلات الإصابة بأمراض الشرايين التاجية، وارتفاع ضغط الدم، والسكتة الدماغية، والداء السكري، وسرطاني القولون والثدي، وارتفاع مستويات اللياقة القلبية التنفسية واللياقة العضلية، وبلوغ مستوى صحي فيما يخص نسب كتلة الجسم وتركيب الجسم. - قياسات بيولوجية جيدة فيما يخص الوقاية من الأمراض القلبية الوعائية، والداء السكري، وتعزيز صحة العظام. - ارتفاع مستويات الصحة الوظيفية وانخفاض مخاطر السقوط وتحسن الوظيفة المعرفية، وتدني مخاطر الإصابة بالحالات التي تحد من القدرة الوظيفية والقدرة على الاضطلاع بالأدوار المألوفة.
* النشاط المهنى: كبير السن له نفس الحقوق والحاجات التي يملكها أي فرد والتي تتمثل في حاجات جسديه وحاجات نفسية وحاجات اجتماعية وحاجات روحيه والتي لابد أن تلبى لكي يحتفظ المسن بكرامته وهدوئه وبذلك يجب أن تكون العناية متكاملة نفسيه وجسديه وروحيه وتقديم أي رعاية ولو بسيطة للمسن يرفع من روحه المعنوية كثيراً.
ومن هنا تشير منظمة الأمم المتحدة إلى أنه ينبغى تمكين كبار السن من مواصلة العمل أو النشاط المهنى المدر للدخل ما أرادوا وما استطاعوا ذلك بصورة منتجة. غير أن البطالة والعمالة الناقصة والقيود الصارمة في أسواق العمل عادة ما تحول دون ذلك. واستمرار تشغيل المسنين هذا ليس معناه تقليص الفرص في سوق العمل أمام الشباب .. بل يمكن أن يقدم إسهاما متواصلا في تحسين الأداء والناتج الاقتصادي بما يفيد جميع أفراد المجتمع. ويمكن أيضا أن يستفيد الاقتصاد عموما من وضع خطط أخرى لاستخدام خبرة كبار السن ومهاراتهم لتدريب العمال الصغار والجدد. وعندما تتم الاستفادة المهنية من خبرات المسن بعد سن التقاعد فهذا يعطيه دفعة نفسية قوية بأنه مازال يتم الاعتماد عليه، فالنشاط المهنى يقدم له الوقاية النفسية من الاكتئاب والشعور بالعزلة والوحدة بل ويزيد من ثقته بنفسه وتجعله يشعر بقيمة حياته التى مازال فيها الكثير ليعطيه لمن حوله ليس فقط فى مجال أسرته بل للآخرين فى بيئته التى ينتمى إليها. المزيد عن العزلة الاجتماعية .. والانفصال عن الآخرين .. فمواصلة المسن النشاط المهنى هو ضماناً آخر لصحته البدنية والنفسية، لكن النشاط المهنى بخلاف النشاط البدنى والاجتماعى الذى يتمكن المسن من ممارسته بسهولة أكثر .. وتوفير فرص العمل للمسن تتطلب اتخاذ إجراءات من جانب المتخصصين من شأنها أن تسهل الاحتفاظ بالمسنين وتمكينهم من العمل المنتج في أماكن العمل.
ومن بين الإجراءات التى تضمن مواصلة المسن لنشاطه المهنى، وفق ما أشارت إليه منظمة الأمم المتحدة: - تشجيع مبادرات كبار السن للعمل لحسابهم الخاص بطرق شتى منها تشجيع إنشاء المشاريع الصغيرة والصغرى وكفالة فرص حصول كبار السن على القروض. - مساعدة كبار السن الذين يعملون بالفعل في أنشطة القطاع غير الرسمي على تحسين دخولهم وإنتاجيتهم وظروف عملهم. - القضاء على الحواجز المتعلقة بالسن في سوق العمل الرسمية بتشجيع توظيف كبار السن والحيلولة دون حدوث أضرار للعمال الكبار فى السن في عملهم. - تشجيع إعطاء صورة واقعية عن مهارات المسنين وقدراتهم. - مراعاة مصالح المسنين عند موافقة صناع السياسات أو القرارات على عمليات دمج أعمال تجارية لكي لا يتعرضوا أكثر من نظرائهم الشباب للأضرار أو لخفض الاستحقاقات أو فقدان العمل.
* النشاط الاجتماعى: إن كبار السن قد يجدون صعوبة في القيام بأشياء تشعرهم بالاستقلالية مثل خلع الملابس، والاستحمام، ودخول المرحاض، وإعداد وجبات بسيطة، والقيام بأعمال منزلية خفيفة، وذلك خشية التعرض للسقوط والمتاعب الجسدية. لكن بقاء المسن فى حالة نشاط بدنى ونشاط اجتماعى مطلوب بدرجة كبيرة لأن مثل هذه الأنشطة البدنية والاجتماعية تقدم له الدعم وتمكنه من التواصل مع الآخرين، وهو ما قد يؤخر عملية تراجع قدرته على أداء وظائفه .. بل ويمكن أن يحميه من أمراض الشيخوخة، وعلى رأسها تراجع الذاكرة وضعف الإدراك والمعرفة. المزيد عن أمراض الشيخوخة ..
ومن بين الأنشطة الاجتماعية التى تحسن قدرات المسن مقارنة بمن لا يقوم بممارستها: - ممارسة هواية معينة. - الانخراط في ناد اجتماعي - الانضمام إلى مجموعات المتطوعين. - ركوب وسائل النقل العامة.
لذا فمن الممكن أن يحتفظ المسنون بأنشطتهم التي اكتسبوها طوال حياتهم الماضية، وعندما يصلون إلى مرحلة التقاعد، يمكن أن يواصلوا هذه الأنشطة، أو بديلًا لها، حيث يواصلون مع زملائهم مشوارهم المتبقي في حيوية فتتكون صداقات جديدة غير التي فقدوها، من خلال ممارسة بعض ألوان النشاط الاجتماعي في الأندية المختلفة. وهناك أنشطة بديلة عند فقد المتقاعد لوظيفته، تلك الأنشطة التي تساعده على إعادة توافقه النفسى وتزيل لديه حالة الاكتئاب، وقد تفى بغرضين للمسن أو بإحداهما على الأقل فهى بديل للعمل المفقود أو أنها تمثل مصدر جديد للدخل.