 |
* الروابط الأُسرية القوية:
تتعدد أنماط العائلة لكن مفهومهاً واحداً، فالعائلة هى
الأفراد الذىن ينتمون إلى نفس الكيان فى إطار من
الاهتمام والولاء والحب وبغض النظر عن نوع العائلة فمن
الهام أن يتم تغذية هذه العلاقة باستمرار من أجل أن
تظل قوية وأن يكون هناك رباط من الحميمية بين أفرادها
من الأب والأم والأبناء، بل وما وراء ذلك من الجد
والجدة والخال والخالة والعم والعمة. |
فما الذى يجعل العائلة قوية وناجحة؟
الذى يجعل الروابط الأسرية قوية الاعتماد على المقومات
الخمس التالية:
التعلم
العائلة أو الأسرة هى الكيان الذى يتم تعلم القيم
والمهارات من خلاله، والأُسر القوية هى التى تمنح أفرادها
خبرات التعلم وتستطيع إدارتها بنجاح، كما يتمكن الأب والأم
فيها من إيجاد نمط للحياة بعينه داخل المنزل.
فهم يختارون برامج التلفزيون الملائمة ويرشدون
أطفالهم إلى العالم الخارجى المحيط بهم (الذى يوجد
خارج المنزل) فهم لا يتركون القوة الاجتماعية هى التى
تتحكم فى سلوكيات أطفالهم أو توجه دفة الأسرة، كما أن
دور الأسرة القوية الناجحة يمتد إلى الجيرة والمدرسة
والعمل، فالأسرة التى يرتبط أفرادها برباط قوى تعلم
أطفالها بالقدوة والمثال، بل ويتعلم الكبار انفسهم من
الخبرات التى يمرون بها أثناء شرح القيم وتنفيذها بشكل
فعلى أمام أبنائهم.
الولاء
والإخلاص
الأسرة التى يرتبط أفرادها ببعضهم البعض لديها حاسة الولاء
والارتباط القوى، فدائماً نجد - انطلاقاً من هذه الحاسة -
أن أفرادها يقفون بجوار بعضهم البعض فى وقت الأزمات
والدفاع عن بعضهم البعض ضد أى عدوان خارج أفراد العائلة،
كما أن الولاء يتمثل بوضوح فى أوقات المرض والصحة ومع
الوفرة المالية وفى وقت أزماتها والحاجة إليه .. وفى
النجاح والفشل وفى كل شىء يواجه العائلة.
المزيد عن النجاح ..
فالعائلة هى المأوى لكل فرد من أفرادها، كما أن العائلة
تعلم أفرادها العطاء والحصول على الحقوق فى المقابل وذلك
لكى تعد النشء الصغير للعلاقات الاجتماعية المقبلة فى
حياتهم وكيفية إجراء المفاوضات فى كافة المواقف الحياتية
التى ستقابلهم.
الحب
الحب هو قلب العائلة، فكل فرد من أفرادها بحاجة إلى أن
يقدم الحب ويستشعره فى نفس الوقت، والعائلة هى المحيط
الطبيعيى لاستقبال كل فرد للحب .. فالحب هو غذاء الوجدان
والجسد، وهو يتضمن على العديد من المعانى السامية التى
يتعلمها أفراد العائلة من خلال المحيط الأسرى الذى ينتمون
إليه فهم يتعلمون الخصوصية والحميمية والمشاركة والانتماء
والاهتمام.
كما أن الحب يمد الفرد بمشاعر إيجابية كثيرة وسلوكيات
حميدة من الصراحة والتفاهم والصبر والتسامح، والحب لا يأتى
بشكل تلقائى وإنما يحتاج إلى مجهود يومى يُبذل من جانب كل
فرد ينتمى إلى العائلة، كما أن العائلة المحبة لبعضها
البعض يتشاركون فى ممارسة مختلف الأنشطة ويحملون مشاعر
التفانى والامتنان والعرفان بالجميل.
فالحب يحتاج إلى وقت وإلى مشاعر وإلى سلوكيات إيجابية من
جانب كل فرد من أفراد العائلة.
المزيد عن الحب ..
الضحك
الضحك هو دواء العائلة القوية الناجحة، فالفكاهة هى صمام
الهروب من أوقات توتر العائلة، ومن خلال الضحك يمكننا رؤية
النفس بشكل موضوعى.
بناء عائلة قوية وناجحة من الأمور الهامة والجادة فى حياة
كل إنسان.. إلا أن بقاء العلاقة الأُسرية فى حلقة لا تنتهى
من الجدية سوف توتر العلاقة بين أفرادها، فالضحك هو الذى
يوازن الحياة ولا يجعلها صارمة على الدوام حتى لا يصاب
الإنسان بالإحباط والضيق، فالفرح والترفيه مطلوبان من أجل
حياة صحية وناجحة وحتى لا يقع الإنسان فريسة للأمراض
النفسية والاكتئاب.
المزيد عن الاكتئاب ..
لابد وأن يكون الضحك إيجابياً بحيث يجعل أفراد الأسرة يرون
أنفسهم بشكل أكثر وضوحاً وبطريقة تجعلهم يخرجون من المواقف
الجادة العابثة الباعثة على الضغوط بأمان، وهناك فرق بين
الضحك الترويحي وبين الضحك على الآخرين .. فالأخير هو نمط
سلبى من أنماط الضحك وهو لا يقوى أواصر العائلة بل يهدمها.
المزيد عن فوائد الضحك ..
المزيد عن الضغوط ..
القيادة
لابد أن يكون هناك قائد لأفراد الأسرة، وتتمثل قيادة
الأسرة بالطبع فى الأب والأم بوصفهم المسئولون الناضجون عن
الصغار، وإذا لم يقبل أحد القيادة هذه فسوف تضعف العائلة
وسيتبع كل فرد فيها ما يروق له من قواعد بدون حدود.
لابد وأن تكون هناك قواعد تحكم إطار العائلة يلتزم
بتنفيذها كل فرد من أفرادها، هذه القواعد ترتكز عليها أُسس
التفاهم .. وهى توجه من الكبار إلى الصغار ويكون من سماتها
الحزم والعدل فى نفس الوقت.
كما أن نجاح القيادة يعتمد على اشتراك جميع الأفراد فى
إدارة شئونها وأن يكون لكل واحد منهم دور حيوى، وذلك
بالسماح للأبناء بالمشاركة فى اتخاذ القرارات ولكن فى ظل
الالتزام بحدود معينة.
* سمات العائلة التى تتسم بروابط قوية
بين أفرادها:
من خلال الدراسات والأبحاث العديدة التى تم إجراؤها على
العلاقات الأُسرية، تم التوصل إلى سمات الأسرة التى يرتبط
أفرادها برباط قوى.
ومن بين هذه السمات:
السمة الأولى - الالتزام:
الأسرة التى تربطها روابط قوية يتمسك أفرادها بسمة
الالتزام تجاه بعضهم البعض، والالتزام بإسعاد أفرادها
وبوحدتها .. فالالتزام هو الأساس لبناء عائلة قوية.
والالتزام يشتمل على المفاهيم التالية:
- أن تكون العائلة فى المقدمة.
- مسئوليات العمل تحتل المرتبة الثانية بعد العائلة.
- كل فرد من أفرادها له قيمة كبيرة عند الآخر.
- الفترات العصبية المليئة بالتوتر لا تدمر العلاقة القوية.
- الإخلاص والولاء الجنسى لشريك الحياة.
المزيد عن الزواج ..
- التسامح سمة سائدة بين أفرادها.
- وجود أولويات للحياة.
- وجود تضحيات.
- هناك اشتراك فى أهداف الحياة.
- الحب مقوم أساسى من مقومات بناء أركانها.
- وضع قيم وعادات يلتزم بها الأفراد فى كافة التصرفات
والسلوكيات.
السمة الثانية – التقدير:
الأسرة القوية هى التى يعبر أفرادها عن تقديرهم لبعضهم
البعض، فبجانب حاجة الإنسان للحب فإن الحاجة الأكثر أهمية
للبشر هو الشعور بأن الآخر يقدره عندما يفعل شىء له، ولذا
فإن العمل الجاد فى الحياة لا يُشترط أن يكون مردوده مال
أو قوة أو نفوذ أو مكانة اجتماعية مرموقة، وإنما الحاجة
إلى الشعور بأن هناك من يقدره أى المكافأة المعنوية قد
تكون فى كثير من الأحيان هى الأهم فى بناء العلاقات السوية.
فالتقدير سمة أساسية فى العلاقات الأُسرية التى تتميز
بالنجاح، وهو الحافز الذى يجعل كل فرد يتصرف بإيجابية تجاه
الآخر.
المزيد عن المكانة الاجتماعية ..
والتقدير فى العائلة القوية الناجحة يعنى:
- البحث عن الجوانب الإيجابية بدلا من الجوانب السلبية.
- معاملة كل فرد من أفراد العائلة وكأنه صديق حميم قريب من
النفس.
- التعبير عن الحب يومياً حتى ولو بأفعال بسيطة.
- التعبير عن الامتنان والشكر.
- التعبير بكلمات الحب دائماً وأبداً.
- امتداح إنجازات وجوانب القوة لأى فرد منا أفراد العائلة.
- تلقى المجاملة وكذلك البوح بها للآخرين.
- خلق مناخ إيجابى فى المنزل.
- تذكر أعياد الميلاد والمناسبات المختلفة الاجتماعية
والاحتفال بها.
كيفية الاحتفال بمختلف المناسبات مع الطفل ..
السمة
الثالثة – التواصل والاتصال:
أفراد العائلة الذين يرتبطون بأواصر قوية فى حالة اتصال
دائم وحوار متبادل، فهم يتحدثون إلى بعضهم البعض عن الأمور
البسيطة والأمور المعقدة وعن الأمور الهامة وغير الهامة فى
حياتهم .. فهناك تواصل يحدث بشكل منتظم ومستمر، فالتواصل
هو شريان الحياة العائلية، وهو الطريقة التى يتم التعبير
بها عن الحب والمشاعر، والتواصل الفعال يعنى:
- أن يكون الفرد متفتح فى حواراته مع الأفراد الآخرين ولا
يصدهم.
- أن يكون منصت جيد ولا يقاطع الآخر.
- التأكد من المعانى الغامضة غير الواضحة حتى يتسنى الفهم
الصحيح..
- محاولة التقرب من أفراد العائلة وعدم فرض العزلة عن
النفس.
- تبادل الثقة مع الأفراد الآخرين.
- تجنب الانتقاد أو التقييم أو التعالى على الأفراد
الآخرين.
- التعامل مع أمر واحد فقط فى المرة الواحدة.
- التركيز بدون التعميم.
- مهاجمة المشكلات وليس مهاجمة الأفراد.
- لديه مواقف تتسم بالتفهم.
السمة الرابعة – قضاء الوقت الأُسرى سوياً
الأسرة القوية هى التى يقضى أفرادها وقتاً مع بعضهم البعض،
وقت يتسم بالجودة. فتخصيص الوقت كماً ونوعاً من الأمور
الهامة التى تحافظ على بقاء العائلة ودوام كيانها، كما أن
ذكريات العائلة تتراكم وتتكون من الأوقات التى يقضيها
أفراد العائلة سوياً فى ممارسة الأنشطة أو فى تبادل
الحوارات.
ومن مزايا قضاء بعض من الوقت مع الأسرة:
- يساعدها على تجنب حالات العزلة التى يعانى منها الأفراد
والشعور بالاغتراب الذى هو سبب لكثير من الاضطرابات.
المزيد عن الاغتراب والإدمان ..
- الوقت يعنى بناء تاريخ للعائلة وهوية، وأن يكون لها
مكانها فى المجتمع الذى تنتمى إليه.
- الوقت يعنى الوقاية من المشاكل الزوجية وحدوث الانفصال
والطلاق.
المزيد عن الطلاق ..
- الوقت وسيلة من وسائل التواصل والاتصال.
- الوقت يعنى مزيد من الفرص المتاحة أما أفراد العائلة
لبناء موطن إضافى من مواطن القوة فى العلاقة الأسرية ومزيد
من الأواصر القوية بين أفرادها.
لكن ما هى الأوقات التى يمكن أن يقضيها أفراد العائلة مع
بعضهم البعض؟
- أوقات تناول الوجبات.
- الأعمال المنزلية.
- الرحلات.
- الأنشطة الرياضية الخارجية.
- المشى.
- اللعب داخل المنزل وممارسة مختلف الأنشطة سوياً.
- مشاهدة التلفزيون.
- مشاركة الآباء لأبنائهم فى الواجبات المدرسة.
المزيد عن الواجبات المدرسية ..
- الاحتفال بالمناسبات الخاصة وأعياد الميلاد.
السمة الخامسة – القدرة على التكيف
الأواصر القوية بين أفراد العائلة هى التى تمكنهم من
التعامل مع الأزمات والضغوط بكفاءة بل ويستغلونها كفرصة
للتعلم ولتقوية الروابط بينهم أكثر وأكثر .
كما أن العائلة التى تربطها أواصر قوية تتسم بقدرتها على
التكيف مع مختلف المواقف ولديها القدرة على حل المشكلات
ولديها ثقة عالية بقدراتها.
المزيد عن
اضطراب التكيف ..
ومن استراتجيات التكيف لدى العائلة ذات الأواصر القوية:
الاستراتيجية الأولى
القدرة على العثور على جانب إيجابى فى أى موقف من المواقف
التى تتعرض لها مع التركيز عليه، هذه الرؤية تمكن أى إنسان
بأن يتدبر الأمر قبل أن يصدر حكمه أو يتخذ إجراء يتسم
بالتسرع وعدم إعمال العقل فيه.
الاستراتيجية الثانية
القدرة على التوحد والمشاركة فى مسئولية حل المشكلة أو
الموقف الباعث على الضغوط، فليس من المعقول أن يأخذ فرد
واحد على عاتقة حل كافة المشكلات أو تحمل أعباء الحياة
والمواقف التى تتطلب مشاركة ومجهود .. فلن يصمد كثيراً
بمفرده أمام هذه الأعباء والمسئوليات الجمة الملقاة على
كاهله بدون أن تكون هناك مشاركة من الآخر.
الاستراتيجية الثالثة
العائلة القوية هى التى تطلب المساعدة الخارجية عند الحاجة،
وتعرف توقيت طلبها .. صحيح أن الأمور العائلية من المفضل
أن يتم حلها داخل إطار للأسرة لكن الإنسان بوصفه كائن
اجتماعى يعيش فى حالة من التفاعل الدائم مع أفراد المجتمع
الذى ينتمى إليه .. فهذا التفاعل لا يقتصر فقط على أفراد
العائلة بل يمتد إلى المحيطين بالمثل من الجيران والأصدقاء
وأفراد العائلة الكبيرة من الجدود والأعمام وغيرهم .. فقد
يكون لهم نظرة أبعد فى موقف من مواقف الحياة قد لا يتسنى
لقائد العائلة رؤيتها بنفس هذا المنظور، وبعد تلقى
المساعدة الخارجية سرعان ما تعود المسئولية داخل أفراد
الأسرة الصغيرة من الأب والأم والأبناء.
الاستراتيجية الرابعة
المرونة من الاستراتيجيات الأخرى التى تتبناها العائلة
القوية، فالمرونة تتطلب التغيير والاندماج والتكيف حتى
تهدأ عاصفة الأزمة التى تمر بها العائلة لترجع إلى سابق
عهدها.
المزيد عن الحدود فى
العلاقات الإنسانية ..
* المراجع:
- "Family Relationship" - "familyrelationships.gov.au".
- "How to keep your relationship healthy" - "apa.org".
|