المهارات الاجتماعية .. وتشكيل السلوك الاجتماعى

* مهارات اجتماعية: كل إنسان ينتمى إلى جماعة وينتمى إلى طبقة اقتصادية معينة أو قد يكون عضواً فى طائفة دينية .. إلى غير ذلك، وهو يتواجد فى هذه التجمعات أو الجماعات التى يشترك معها فى المكان الجغرافى وفى مجموعة القيم والاتجاهات والقيام بأدوار سلوكية معينة فهو يكتسب خصائص أو مهارات اجتماعية تبلور علاقته التفاعلية معهم.

فالجماعات يعيش أعضاؤها معاً، ومن ثَّم يمكنهم أن يتفاعلوا ويستجيبوا أحدهم للآخر بطريقة مباشرة. وهناك معايير أو مقاييس لمدى تعامل أفراد الجماعة مع بعضهم البعض تختلف باختلاف أفرادها، فهناك من يستطيع الاندماج والتفاعل وآخر ليس لديه مهارات التفاعل الاجتماعى وثالث يحتل مكاناً وسطاً بين الماهر اجتماعياً وبين ذلك الذى يفتقد مهارات التفاعل ليوصف بالخمول الاجتماعى.
المزيد عن الفرد و التفاعل الاجتماعى مع الآخرين ..
المزيد عن العزلة الاجتماعية .. والانفصال عن الآخرين ..

فالمهارات الاجتماعية يكتسبها الإنسان من خلال تواجده وسط الجماعة وهو فى حالة تفاعل واندماج مع أفرادها وهى التى تساعد بشكل غير مباشر فى الارتقاء بذاته.
ولكى نتعرف على المهارات الاجتماعية التى تكون لبعض الأفراد داخل الجماعات الاجتماعية المختلفة واللازمة لاستمرار الجماعة ودوامها.. لابد وأن نتعرف على خصائص التفاعل الاجتماعى.
فما هي خصائص التفاعل الاجتماعى إذن؟
يمكن تعريف التفاعل الاجتماعى (Social interaction) بأنه العملية التى تربط بين أعضاء الجماعة بعضهم البعض، أو بين أعضاء الجماعة الواحدة وأعضاء الجماعات الأخرى – رباطاً عقلياً أو دافعياً، وقد يكون هذا الرباط عن طريق تبادل الحاجات والرغبات وتحقيق الإشباعات وما شابه ذلك.
وكما يتضح من مفهوم التفاعل الاجتماعى فهو يمثل ركناً أساسياً فى علم النفس الاجتماعى، وذلك لكونه أهم عناصر العلاقات الاجتماعية .. فهو يمثل مجموعة الأفعال وردود الأفعال التى تصدر عن الأفراد فى جماعة معينة وفى موقف من المواقف الاجتماعية التى يعيشونها.
المزيد عن علم النفس الاجتماعى ..
فحدوث التفاعل الاجتماعى بين الأفراد هو بداية تكوين الجماعات وهو الذى يؤدى إلى تمايز تركيب الجماعة وتكوينها تكويناً نظامياً، فتفاعل الأفراد سواء عملياً أم لفظياً يؤدى إلى ظهور القيادات وإعادة تنظيم مجال الجماعة، ويؤدى أيضاً إلى ظهور المهارات الفردية السلوكية والقدرات الجماعية التى يمكن أن تستفيد منها الجماعة.
فيا تُرى ما هذه المهارات التى يمكن أن تكون للفرد وتستفيد منها الجماعة؟!

* ماهية المهارات الاجتماعية للفرد:
إن التفاعل الاجتماعى يتوقف على شخصية الفرد ومكانته الاجتماعية، ذلك أن كل سلوك تفاعلى يصدر عن الفرد يتأثر بنمط شخصيته ويتحدد فى ضوئه، وليس هذا فحسب بل يتحدد أيضاً فى ضوء مكانته الاجتماعية بين الأعضاء الآخرين فى الجماعة.
المزيد عن المكانة الاجتماعية ..
كما أنه يحدد لكل عضو من أعضائها سلوكه الفردى، ويؤدى إلى تمييز المحصلة العامة لسلوكيات الأفراد فى المواقف الاجتماعية المختلفة، وبالتالى يحدد النمط العام لشخصية الفرد داخل الجماعة واكتسابه لبعض المهارات التى تميزه عن غيره.
ونجد أن المهارات الاجتماعية الحياتية التى يكتسبها الإنسان تبدأ منذ مرحلة مبكرة فى حياته أى منذ بدء تنشئته اجتماعياً.
فعمليات التنشئة والتطبيع الاجتماعى على أنها عمليات تعلم وتعليم وتربية، وتعتمد أساساً على التفاعل الاجتماعى (Social Interaction) وتهدف إلى اكتساب الفرد سلوكاً ومعايير (Norms) واتجاهات (Attitudes) مناسبة لأدوار اجتماعية (Social Roles) معينة تمكنه من مسايرة جماعته والتوافق الاجتماعى (Social Adjustment) معها، وتكسبه الطابع الاجتماعى وتسير له عملية الاندماج فى الحياة الاجتماعية.
المزيد عن بناء الثقة بالنفس عند الطفل ..
ولذلك يمكن اعتبارها عملية تشكيل السلوك الاجتماعى للفرد، وأنه عن طريقها بتم استخدام ثقافة المجتمع فى بناء شخصية الفرد .. المزيد

* ما هى المهارات الاجتماعية (Social skills)؟
هى الإمكانات والقدرات التى تتوافر لدى الشخص وتمكنه من التعامل والتفاعل مع الآخرين فى محيط بيئته أو بيئة مختلفة عنه، بحيث يتعامل مع هذه البيئة أياً كانت بكل تكيف وتواؤم.
المزيد عن اضطراب التكيف ..
وتعرفها منظمة الصحية العالمية على النحو التالى: "المهارات الاجتماعية هى قدرات الفرد على السلوك التكيفى والإيجابى التى تجعله يتعامل بفاعلية مع متطلبات الحياة اليومية وتحدياتها"
تصنف المهارات الاجتماعية إلى:
أ- مهارات أساسية، والمهارات الأساسية كلها تنحصر حول كيفية التفاعل الاجتماعي.
ب- مهارات تفوقية، مثل القدرة على الخطابة والتى تحتاج من صاحبها شجاعة وممارسة الكثير من التمارين التى تجعله مقنعاً للآخرين.

مكونات المهارات الاجتماعية:
1- الاتصال غير اللفظي، والذى يتمن على تعبيرات الوجه و خصائص الصوت وإيماءات الجسم.
2- الاتصال اللفظي، ويتمثل فى التفاعل مع الاخرين بطريقة مناسبة في المحادثات الاجتماعية.
3- الضبط الاجتماعى، يشير الى قدرة الفرد على التحدث بثقة وقبول أثناء المشاركة الاجتماعية مع الآخرين.

ومن بين المهارات الاجتماعية الأساسية التى يكتسبها الفرد من خلال تواجده بين أفراد الجماعة ومن خلال تفاعله الاجتماعى معها:
- القيادة:
إن القيادة (Leadership) بمفهومها العام تعني عملية التأثير في الناس في موقف معين، وهى العملية التي من خلالها يؤثر القائد (Leader) فى سلوك أعضاء الجماعة للوصول إلى هدف معين.
لقد حظيت السمات الشخصية (Personality Traits) للقائد باهتمام علماء النفس والتحليل النفسي وعلماء النفس الاجتماعيين وقد كانت أهم السمات الشخصية التي يتسم بها القائد هي ما يلي:
1- الثقة بالنفس.
2- الاتزان الانفعالي.
3- السيطرة.
4- الذكاء.
5- المبادأة.
6- الطموح.
7- المرونة.
8- الحماس.
9- البشاشة والمرح.
10- الحساسية الاجتماعية.
11- الشجاعة.
12- الابتكار والإبداع.
13- اللباقة.
14- تكامل الشخصية وتوافقها (الصحة النفسية).
15- الموضوعية (عدم التحيز).
المزيد عن القيادة ..

- القدرة على إقامة علاقات من الود والحب والتعاطف مع الآخرين، ويكون ذلك من خلال الاشتراك مع الآخرين فى الميول والاهتمامات والاتجاهات حيث يكون له قدر من الأهمية لا يًستهان به فى نجاح الشخصية من الناحية الاجتماعية.
المزيد عن مقومات النجاح ..

- الذكاء الاجتماعى:
إن الشخص الذى يتميز بمهارات اجتماعية يقوم بدور حلقة الاتصال فى الجماعة، ويعمل جاهداً من أجل الحفاظ على وجود الجماعة التى ينتمى إليها، وعلى تحقيق تماسكها الاجتماعى ويستطيع التغلب بمعاونة الآخرين على أية ضغوط تواجهها أو تهديدات خارجية، بالإضافة إلى القدرة على فض الخلافات التى قد تنشأ بين أفرادها.

- الأداء المتميز:
من بين الأدوات التى يمتلكها الشخص والتى تمكنه من التفاعل بشكل إيجابى مع الآخرين هو تميزه فى الآداء .. الأداء فى المواقف الاجتماعية (المثير) والذى يسبب بدوره أداء الطرف الآخر (رد الفعل أو استجابة الطرف الآخر) فإذا كان هذا الأداء يؤدى إلى ظهور القدرات الفردية للشخص التى من خلالها تستفيد الجماعة فهذه مهارة اجتماعية تضاف إلى مهاراته التى يمتلكها أم أن يؤدى هذا الأداء إلى ظهور مزيد من الصراعات والانقسمات والذى يترجم على أنه قصور فى عملية التفاعل الاجتماعى من جانب هذا الشخص.

* كيف يكتسب الشخص المهارات الاجتماعية؟
إن كل شخص يتمتع بقدر من المهارات الاجتماعية، لكن لا مانع من أن يرتقى كل شخص بالمهارات التى تتوافر لديه ليضيف عليها المزيد، ومن بين الوسائل التى يكتسب بها الإنسان المهارات الاجتماعية:
- المحاكاة لنماذج واقعية لأفراد يملكون مهارات يريد الإنسان الحصول عليها، ويسلم علماء الاجتماع بأهمية المحاكاة فى اكتساب المهارات الاجتماعية، ويمكن تعريف المحاكاة على أنها تشابه دقيق بين المنبه والاستجابة، كما يوجد نوعان من المحاكاة: المحاكاة البسيطة والمحاكاة المركبة، والدوافع هى التى تجعلنا نفهم سلوك المحاكاة الذى يقوم به الإنسان وأهم الدوافع العامة التى تدفع المرء إلى المحاكاة أن يصبح مثل الشخص الذى يحاكيه والشخص إذ يحاكى نموذجاً معيناً يصبح هو النموذج فى نظر نفسه.

- أن يكون الفرد فى حالة اختلاط أو تفاعل اجتماعى مع الآخرين، فالإنسان يتواجد مع غيره من أفراد جنسه بسبب الغريزة الاجتماعية أو المحددات الفطرية للانتماء أو لأنه قد تعلم ذلك .. فالإنسان يتعلم من تجارب الآخرين.

- الاستفادة من الأخطاء التي قد يقع فيها الإنسان، فالإنسان يتعلم من الأخطاء التى تثقل خبراته وتجاربه.

- المنافسة، إن روح المنافسة يخلق نوع من التحدى داخل الإنسان لذا تجعله يتعلم كل ما قد يصعب عليه تعلمه وهو لا يعيش هذه الحالة التنافسية، فالنجاح فى تعلم خبرة جديدة يكون صعباً .. والصعوبة هى سمة المنافسة.

- الابتعاد عن الصراع الفردى، فالشخص الذى يوجه كل طاقته نحو هدم الغير أو إيذائه فإنما يخلق نوعاً من البيئة تجعل التعاون شيئاً صعباً بل مستحيلاً، وبتأصل هذه العادة فى النفس تنتقل إلى الأجيال الأصغر فى العمر والتى يكون لها احتكاك بالشخص الذى تغلب عليه نزعة الصراع لا التنافس .. فالحياة الاجتماعية تكون أفضل عندما يحدث التكيف مع مجموعة الظروف التى يعيش بداخلها الإنسان أى عندما يكتسب مهارات لازمة لحدوث التفاعل لا لحدوث التنافر.