العمل من المنزل .. مزايا وعيوب وإرشادات عامة

* العمل من المنزل: فى ظل التقدم التكنولوجى الهائل أصبح من المرونة أن تُنجز الكثير من الأعمال من المنزل مع مختلف الجهات والأفراد فى مختلف الأماكن بدون تحمل نفقات النقل أو السفر لعقد الاجتماعات أو إنجاز أمور العمل الهامة مع أكثر من شخص فى آن واحد والتى أصبحت متاحة بدون الالتقاء بهم فعلياً. المزيد عن التكنولوجيا ..

وقد أيدت الدراسات الحديثة العمل عن بعد لأنه يزيد من الإنتاجية ويقلل من الضغوط على الموظف وبالتالى عمل له جودة أعلى، كما أن هناك بالفعل بعض الشركات التى تشجع على العمل من المنزل لتخفيض النفقات على المدى الطويل بل وتقدم مكافآت تشجيعية للموظفين عند العمل من المنزل.
كيف تجعل منزلك مكاناً للمعيشة والعمل سوياً ..
المزيد عن الضغوط ..

لكن هناك رأيان فيما يتعلق بالعمل من المنزل، فهناك مجموعة تؤمن بأنه لا يوجد إنجاز على الإطلاق عند العمل من المنزل، أما المجموعة الأخرى فتؤمن بأن الإنتاجية تزيد عند العمل من المنزل وتقل الضغوط وبالتالى يكون الفرد أكثر سعادة.
المزيد عن السعادة ..

وهنا لابد من الإشارة إلى الاختلافات الفردية بشأن العمل من المنزل، فإنتاجية الشخص ونجاحه عند العمل عن بعد يعتمد كلية عليه وعلى شخصيته وعلى مدى التزامه وعلى نوعية العمل الذى يقوم به هل يفضله أم لا. بالإضافة إلى وجود بعض العوامل والظروف التى تحتم العمل من المنزل بعيداً عن رغبة الأفراد.

وفى نفس الوقت من الصعب التوصل إلى عوامل بعينها أو ثوابت تخص إنجاز الشخص لأعماله عن بعد من عدمه، فكما سبق وأن ذكرنا أن هناك عاملان يتحكمان فى ذلك، وهما: شخصية الفرد ونوعية العمل الذى يؤديه .. فالناس ليس كلهم سواء فى مسألة إنجاز الأعمال فهناك البعض ممن لا يجيدون التركيز فى محيط المنزل مع كل ما يحيط بهم من وسائل الراحة إلى جانب عوامل التشتيت مثل وجود الأطفال وغيرها من العوامل التى تتوافر فى بيئة المنزل .. وهناك البعض ممن لا يستطيعون التركيز فى بيئة العمل المليئة بالتوتر والإزعاج ولا يجيدون إنجاز العمل من خلالها.

* فوائد العمل من المنزل للموظف:
العمل عن بعد أو العمل من المنزل متواجد فى مختلف الأعمال والصناعات، وخاصة الأعمال القائمة على الكمبيوتر والتى تتطلب تركيز وعدم تشتيت على مدار ساعات طويلة لإنجاز الأعمال بشكل أفضل .. لأن أماكن العمل تتوافر فيها العوامل التى تساعد على تشتيت الانتباه لمن تتطلب اعمالهم تركيز كبير، ومن بين هذه العوامل: من العملاء أو زملاء العمل بخلاف المكالمات أو الرد على البريد الكترونى وغيرها من العوامل التى تؤدى إلى تشتيت الانتباه، فالتحكم فى البيئة التى يعمل فيها الموظف هى العامل الأساسى لتقليل التشتت الذى يؤثر على إنتاجيته، وزيادة وقت التركيز لديه وبهذا تستفيد الشركة من إنجاز العمل بشكل أسرع وأخطاء أقل.

* فوائد العمل من المنزل لصاحب العمل:
ليس المستفيد من العمل من المنزل الموظف لكن الشركة أو صاحب احب العمل بالمثل مستفيد أيضاً من ذلك، فالعمل عن بعد يساعد على الحد من غياب الموظف عن العمل، كما تزيد من إنتاجيته لأنه أصبح تتوافر لديه المزيد من الحرية والبعد عن الضغوط .. كما أنها توفر من ميزانية الشركة لعدم تخصيص مكان للعمل واستهلاك أجهزة الشركة ومرافقها أو استهلاك الطاقة.

ويتيح العمل من المنزل لصاحب العمل أن يعين الكفاءات التى يريدها من مختلف الأماكن بدون التقييد بالمكان الجغرافى للشخص كما كان يحدث من قبل لضمان مجيء الموظف وسهوله وصوله لمكان عمله .. وذلك لأن كافة الأعمال أصبحت تُنجز عن من خلال أجهزة الكمبيوتر ومن خلال الشبكة البينية (شبكة الإنترنت) .. لذا فمكان الشخص لم يعد هاماً كما كان من قبل .. طالما توجد وصلة من الشبكة البينية فعالة وتتوافر فيها كفاءة عالية.
المزيد عن الشبكة البينية (شبكة الإنترنت) ..

كما أن فكرة العمل من المنزل تجذب العديد من المبدعين فى مجال الأعمال التى تكون على أساس حر بدون التقييد بروتين الذهاب والانصراف اليومى للعمل .. وهذا يعنى الحصول على إبداعات وأفكار خلاقة فى مجال العمل من هؤلاء المبدعين وسهولة الاستعانة بهم فى مختلف الأعمال.

بل وأن عدد ساعات العمل من المنزل تزيد على عكس ما يعتقده الكثير وتقل فترات الراحة، كما تقل الأجازات المرضية لأنه يمكن المزج بين الراحة المطلوبة للمرض وبين العمل. فالعمل من المنزل قد يعنى المزيد من ساعات العمل، لأن العمل فى المكاتب قد يحدد ساعات العمل منذ ميعاد الذهاب وحتى مغادرة العمل أى أنه يحدد الوقت إلا أن هذا الأمر قد يختفى مع العمل من المنزل حيث تمتد ساعات العمل لوجود المرونة وقلة الضغوط التى تساعد على إنجاز المزيد والمزيد من الأعمال التى تتعدى حدود ما هو مطلوب من الموظف.

* الفوائد الصحية للعمل من المنزل:
إذا كانت هناك فوائد تتصل بالإنتاجية تعود على صاحب العمل والموظف عند العمل من المنزل، فان هناك فوائد صحية تعود على الشخص بوجه عام سواء أكان صاحب عمل أم موظف:
- تناول الطعام الصحى فى مواعد ثابتة التى تحافظ على الوزن.
- توافر المزيد من الوقت التى يقضيها الإنسان مع أسرته الأمر الذى يؤدى إلى تقوية الروابط الأُسرية والحفاظ على الصحة النفسية للأبناء بوجه خاص وللأسرة بوجه عام.
المزيد عن الروابط الأُسرية ..
- الحد من الضغوط التى تقع على الإنسان فى بيئة العمل (على الرغم من عدم اختفائها كلية لأن الإنسان المسئول عند عمله من المنزل فهو تحت ضغط الانتهاء من الأعمال فى مواعيدها المُحددة بالمثل) لكنه فى المنزل تكون أقل بكثير لأن الإنسان يواجه ضغوط أخرى فى بيئة العمل من التعاملات اليومية مع زملاء العمل أو مع العملاء.
- تقليل الضغوط التى تقع على كاهل الأم العاملة التى تكون فى حيرة كبيرة ما بين الاهتمام بأطفالها وعدم تركهم لفترات طويلة لأنهم بحاجة إلى عنايتها وبين الالتزام بأداء الأعمال بانتظام وعدم القدرة على الغياب المتكرر.
- والمرونة التى تتوافر فى إنجاز العمل من خلال المنزل تتيح للإنسان المزج بين إنجاز العمل وبين عيش الحياة بكافة تفاصيلها من أخذ فترات للراحة، ومن ممارسة الرياضة للعودة إلى إنجاز العمل ونشاطه متجدد.

* سلبيات العمل من المنزل:
وعلى الرغم من وجود كل هذه الإيجابيات مع العمل من المنزل أو بعيداً عن مكان العمل .. فهناك بعض السلبيات التى قد يراها البعض عند عدم التواجد فى بيئة العمل، والتى من بينها:
- غياب روح فريق العمل:
فالعمل من المنزل أو بعيداً عن مكان العمل يكون تواصل فريق العمل من خلال البريد الإلكترونى ومن خلال المكالمات بين الحين والآخر .. وهذا يغيب معه التفاعل الفعلى بين الموظفين وإن كان موجود ولكن بدرجة طفيفة ليست بنفس الدرجة التى تكون عن طريق الالتقاء أو المقابلة اليومية التى تخلق نوع من الحميمية.
والتعامل اليومى من خلال التواجد فى مكان العمل هام لسببين: أن الموظفين الجدد سيتعلمون من سلوكيات زملائهم الأكثر خبرة وهذا التعلم يكون أسرع من التعلم عن بعد.. والسبب الثانى أن التفاعل الاجتماعى يكون أقوى عند التواجد مع الآخرين ورؤيتهم.

- الشعور بالعزلة:
قد يبدو للوهلة الأولى أن العمل من المنزل يبدو أسهل بكثير، لكنه على العكس يتطلب تخطيط وتركيز من جانب الموظف وهذا يضع ضغطاً عصبياً عليه من أجل تحقيق الالتزام، وهناك عامل آخر قد يمثل ضغطاً عصبياً عليه فبما أن الإنسان كائن اجتماعى إذا قام بالعمل مع أشخاص لا يراهم يفتقد قدرة التواصل مع الآخرين وشعوره بالعزلة وقد يسبب له نوع من القلق، كما يفقد قدرته على كيفية إصدار ردود أفعاله تجاه الآخرين.
المزيد عن العزلة الاجتماعية .. والانفصال عن الآخرين ..

- غياب الحماسة ببناء العمل وتدعيمه:
المشاعر والانفعالات تغيب عن وسائل التكنولوجيا وتطبيقاتها الذكية، ودائماً يحتاج العمل إلى العقلانية والعاطفة لتدعيمه .. والعاطفة هنا ليس بمعناها المتعارف عليها وإنما تتمثل فى نشر روح الحماسة التى يتبناها صاحب العمل فى بيئة العمل الصحية من خلال التشجيع الدائم للموظفين لإنجاز الأعمال ومن خلال نشر ثقافة الشركة أو المؤسسة.

* إرشادات عامة حول كيفية العمل من المنزل:
إن العمل من المنزل قد يكون تحدياً، فإذا كان هناك تشتيت للذهن فى مكان العمل فهناك عوامل التشتيت بالمثل فى المنزل كما أن العمل عن بعد قد ينتج عنه عدم تحمل البعض لمسئولية إنجاز الأعمال فى مواعيدها المحددة لغياب التواصل الذى قد يكون فى بيئة العمل.
لذا هناك بعض النصائح التى تجعل الشخص منتجاً من أى مكان يكون متواجد به .. وإرشادات عامة من أجل الحصول أو تحقيق أقصى فاعلية من العمل من المنزل والابتعاد قدر الإمكان عن سلبيات العمل من المنزل التى قد يشعر بها البعض، على النحو التالى:
- تحديد ساعات العمل فى المنزل:
كما لو كان الشخص فى مكان العمل لضمان الإنتاجية، وهذه هى أولى الخطوات من أجل ضمان الإنتاجية عند العمل من المنزل، وهذا لا يمنع من أن يحرص الشخص على أخذ فترات من الراحة ..وهذه الاستمرارية فى العمل لساعات متواصلة محددة تجعل الشخص قادر على أن ينتهى من أعماله بدون تأخير على الإطلاق.
وهناك بعض النقاط الأساسية التى تتصل بتحديد ساعات العمل من المنزل:
- لابد من سهولة تواصل رئيس العمل مع الموظف فى الساعات المحددة للعمل.
- قدرة الشخص على التواصل مع العملاء وزملائه فى العمل.
المزيد عن علاقة زملاء العمل ..
- تحديد الوقت الذى يكون فيه الشخص أكثر إنتاجية.
وهذا لا يعنى العمل لعدد من الساعات الطويلة .. المهم أن يكون هناك تواصل بينه وبين صاحب العمل حتى لو حدد الشخص الساعات التى يكون فيها أكثر إنتاجية .. ومن الهام أيضاً أن يقوم الشخص بقراءة البريد الإلكترونى كل يوم فى الصباح، وإجراء المكالمات وقت الظهيرة، وتحديد وقت لتسليم العمل .. وكل ذلك حسبما يقرر الشخص جدوله وبدون تعارض مع صالح العمل.

- لابد من الفصل بين وقت العمل والوقت الشخصى:
إذا كان الالتزام بروتين العمل اليومى من المنزل ضرورة، فإنه من الهام والضرورى أيضاً الالتزام بفترات الراحة التى يحددها الشخص لنفسه .. فهذا الفصل يتيح مزيد من الإنتاجية فى وقت العمل كما يقلل الضغوط لدى الشخص عندما يكون منغمساً فى العمل.

- التخطيط المسبق لأداء العمل:
التخطيط لأى شىء هو المفتاح للنجاح، فمع صباح كل يوم لابد من تحديد أولويات مهام العمل لهذا اليوم وكم تستغرق المهمة الواحدة .. وماذا يفعله الشخص عندما يكون هناك المزيد من الوقت؟
من الهام قبل الخلود للنوم تحديد خطة اليوم التالى للعمل، حتى يستطيع الإنسان الاسترخاء والانغماس فى النوم بدلاً من الانشغال بالتفكير بكيفية إنجاز العمل فى اليوم التالى وحتى لا يكون الأرق حليفه .. وإذا كان التفكير فى العمل قبل النوم سيصيب الشخص بالأرق .. فهناك حل بديل حيث يمكنه القيام بهذه الخطوة (التخطيط المسبق للعمل) فى صباح اليوم التالى عند الاستيقاظ وقت تناول الإفطار أو عند ممارسة الرياضة قبل العمل.
المزيد عن الأرق ..
وعند التخطيط لجدول العمل لابد وأن يضع الشخص فى اعتباره التالى:
- عمل المهمة التى لها الأولوية القصوى.
- القيام بالمهام الصعبة أولاً لتوافر الطاقة لأدائها عند بداية أداء الأعمال.
- منح النفس وقت من الراحة.
المزيد عن النجاح ..

- ضرورة أخذ فترات من الاسترخاء:
عند الانتهاء من مهمة فى العمل على الشخص القيام بعيداً عن المكان الذى ينجز فيه العمل، ثم تناول وجبة خفيفة أو التحدث مع أحد من أجل تجديد الطاقة والانغماس فى المهمة التالية.

- الانغماس الدائم فى العمل بدون راحة يقلل من الإنتاجية:
يؤكد الخبراء مراراً وتكراراً على ضرورة الحصول على فترات من الراحة، وفترة الراحة القصيرة تتمثل فى 30 دقيقة أما فترات الراحة الطويلة فتتمثل من ساعة إلى ساعتين من أجل الحصول على وجبة الغذاء مثلاً.

- خلق بيئة العمل فى المنزل:
عند الاستيقاظ من النوم لابد وأن يداوم الإنسان على الروتين اليومى وكأنه سينزل إلى الشارع من غسيل الوجه وغسيل الأسنان وتمشيط الشعر وارتداء الملابس من أجل تحفيز النفس للالتزام ببيئة العمل. وهذه الخطوات لمن يشعر بالكسل ويكون بحاجة إلى خلق بيئة مشابهة لبيئة العمل ليضمن إنجازه لمهام العمل اليومية، مع الالتزام بكرسى ومكتب .. وليس المكوث فى الفراش أو على أريكة مريحة!

- لا للتفاعل الأُسرى أثناء العمل:
إذا كان العمل من المنزل يتيح للشخص المزيد من الراحة وعدم التعرض للضغوط التى تتواجد فى بيئة العمل .. إلا أن هذا لا يعنى التفاعل الأُسرى أو التفاعل حتى مع الحيوانات أثناء ممارسة المهام المطلوبة، فلا: للأطفال وللحيوانات وللزوج وللزوجة أثناء تأدية العمل .. ولابد وأن تكون هناك حدود معهم.