حرمان الطفل من رعاية الأم

حرمان الطفل من رعاية الأم
* حرمان الطفل من رعاية الأم:
تتفق الأبحاث أن أول أساس لصحة النفس تستمد من العلاقة الوثيقة الدائمة التي تربط الطفل بأمه أو من يقوم مقامها بصفة دائمة، وأي حالة تحرم الطفل من هذه العلاقة تسمى الحرمان الأمومي، وهذا الحرمان يأخذ اتجاهين:

1- إما أن يكون حرماناً كاملاً، كأن يكون الطفل منفصلاً عن أمه.
2- أو أن يكون حرماناً جزئياً، كأن يعيش معها ولكنها لم تستطع أن تمنحه الحب الذي يحتاج إليه، وهذا النوع من الحرمان يحدث في أحد الحالات الآتية:

أ – عدم وجود الجو الأسري إطلاقا، ويحدث ذلك بسبب التقلب الانفعالي للوالدين وعجزهما عن إقامة علاقات أسرية صحيحة، ويرجع ذلك بدوره إلى أنهم حرموا أثناء طفولتهم من الحياة البيئية السوية، وبالتالي نرى أنفسنا أمام حلقة مفرغة، أطفال حرموا من الحياة البيئة السليمة فحرموا أبناءهم من هذه الحياة.
ب- وجود الجو الأسري مع عجزه لسبب ما عن أداء وظيفته أداء مستمر وهذه الأسباب إما أن تتأثر بالظروف الاقتصادية (الفقر)، المرض المزمن للوالد، انهيار الجو الأسري بسبب التحاق الأم بعمل يشغل كل وقتها.
المزيد عن الفقر ..

* مظاهر الحرمان:
1- الانفصال بين الوالدين، وينعكس أذى الانفصال بوضوح وأثر عميق في نفس الطفل إذا كان الطفل على علاقة وثيقة بأمه قبل الانفصال (يتعرض الطفل هنا للخبرة الصادمة بحرمانه من الأم) أما الأطفال الذين لم تكن علاقاتهم بالأم طيبة، فإن الانفصال هنا لن يؤذيهم لسبق إصابتهم بالألم والأذى من العلاقة السيئة قبل الانفصال.
المزيد عن الطلاق ..
2- الحرمان في السنتين الثانية والثالثة يصيب الطفل بأذى بالغ الشدة وأما إذا حدث الانفصال في العام الأول من الحياة وقام على العناية بالطفل بديل للأم فيمكن تجنب النتائج السيئة تجنباً جزئياً.
ولقد أجريت دراسات عديدة على أطفال انفصلوا عن أمهاتهم وكان عمرهم لا يزيد عن أسابيع قليلة وتم وضع هؤلاء الأطفال في مؤسسات لتربية الأطفال لم تتوفر بها الرعاية المنشودة ظهرت آثار هذا الانفصال بوضوح عليهم حيث كان الأطفال لا يستجيبون بابتسامة للمنبهات الخارجية، كما أنهم فقدوا شهيتهم بالإضافة إلى أن لعبهم بالأصوات (المناغاة) كاد أن يكون معدوماً. كما أصيبوا بالهزال والشحوب وقلة الحركة وهبوط الشهية والوزن واضطراب النوم وسهولة التعرض للمرض.
3- الأطفال في سن الخامسة والثامنة فقلة منهم يعانون الأذى إذا انفصلوا عن الأم.

حرمان الطفل من رعاية الأم

* آثار الحرمان:
1- إعاقة النمو الجسمي والعقلي والاجتماعي:
يترك الحرمان الأمومي آثار سيئة على هذه النواحي من النمو كما أثبتت دراسات عديدة في مجتمعات متباينة في بلدان كثيرة كما يتضح من الآتي:
‌أ - بحث أجرى على 30 طفلاً، أعمارهم بين 34-35 شهرا ونصف كان يعيش في مؤسسات، والنصف الآخر كان يعيش في بيوت للكفالة بسبب انفصال الأب والأم في الشهر الرابع من عمرهم، وكانت النتيجة أن كان نمو أطفال المؤسسات أقل من المتوسط.
‌ب - تم إجراء دراسة على عينة من 113 طفلاً تراوحت أعمارهم بين عام وأربعة أعوام قضوها في مؤسسات مختلفة وتم مقارنتهم بأطفال من نفس أعمارهم ويذهبون للحضانة نتيجة عمل أمهاتهم وكانت النتيجة تأخر أطفال المؤسسات عن مستوى النمو العادي.
وقد استنتج الباحثون من هذه الدراسات المباشرة أن نمو الأطفال في المؤسسات يختلف عن نموهم في أسرهم ويرجع ذلك أن حرمان الطفل من عناية أمه يعطل نموه في الأبعاد الجسمية والعقلية والاجتماعية.

حرمان الطفل من رعاية الأم

وتتفق معظم البحوث على أن مستويات النمو تهبط بشدة في نهاية السنة الأولى من العمر وذلك في حالة الحرمان من رعاية الأم وخاصة عندما ينشأ الطفل في مؤسسة وأن يمثل هذا التأخر يلاحظ أيضا في السنة الثانية حتى الرابعة وكلما طال بقاء الطفل في المؤسسة (بعيدا عن بيئته) زاد الهبوط في مستويات النمو.
ولم تقتصر نتائج الحرمان من الأم على الأطفال لكي أجريت دراسات على الحيوان، ففي بحيث تم إجراؤه على توأم من الماعز، ثم ترك أحدهم مع الأم، وتم فصل الآخر، اتضح أن الملاصق للأم كان أكثر حركة ونشاطاً وإقبالا على الطعام، أما الماعز الذي انفصل عن الأم كان بطئ الحركة، كسول ضعيف بنية الجسم.

حرمان الطفل من رعاية الأم

2- اعاقة النمو النفسي:
يتعرض الطفل في سنوات حياته الأولى لعملية تربوية لها من الأثر ما يفوق أثر أي عملية تربوية أخرى وذلك أنه خلال العامين الثاني والثالث تتكون الذات الشعورية للطفل التي تكاد تكون صورة للواقع الذي تقره البيئة، ويرجع الفضل في تكوين هذه الذات إلى التربية الأولى (الأم) والذي يحدث أن الأم تهتم بطفلها فتعطف عليه وتشبع حاجاته الجسمية والنفسية، فهي التي تحمله وتعطيه الثدي لإرضاعه وتضمه بين ذراعيها وفي صدرها وتلمس أجزاء من جسمه المختلفة عندما تغسله أو تغير له ملابسه.

ويلاحظ أن الطفل يقوم بكل سلوك يحقق له اللذة ويبعد عنه الألم، وهنا تخضع الذات لمبدأ اللذة طيلة العام الأول ونصف الثاني، ويبدأ تدخل الأم بتوجيهاتها نتيجة عدم رضاها عن سلوك الطفل الذي يسعى به وراء مبدأ اللذة فهي تعاقبه إذا قام بسلوك لا يرضيها. وهنا يدخل عامل جديد وهو عامل الألم ولكي يتكيف مع البيئة يبدأ في تعديل سلوكه ليتجنب غضب أمه حرصا على دوام العلاقة العاطفية بينهما. وهذا هو التكوين الطبيعي للأنا الشعورية، أما في حالة انفصال الطفل عن الأم في هذه المرحلة العمرية يؤدي إلى اضطراب نمو هذه الذات الشعورية وينعكس ذلك الاضطراب على تكوين شخصية الطفل.
المزيد عن مفهوم تربية الطفل ..

* المراجع:
  • "Raising Children" - "raisingchildren.org.nz".
  • "Changing patterns of child rearing practices" - "unesco.org".
  • "The Motherhood Collective" - "themotherhoodcollective.org".
  • "Child care and mother-child interaction in the first 3 years" - "ncbi.nlm.nih.gov".

  • تقييم الموضوع:




تابعنا من خلال

فيدو على الفيسبوك فيدو على التويتر

نشرةالدورية

© 2001 - 2001 جميع حقوق النشر محفوظة للشركة العربية للنشر الإلكتروني