* ما هي الحفريات؟ إن العمر الجيولوجي لكوكب الأرض طويل جداً، فقد مر هذا الكوكب بعصور ما قبل التاريخ والعصور القديمة والوسطى والحديثة .. وكان لابد من التعرف على الحياة في هذه العصور باختلاف خصائصها ومن هنا جاءت مهمة الحفريات شاهداً على العصور الجيولوجية بكل مظاهرها على مر العصور.
الحفريات مفردها حفرية عبارة عن بقايا حيوانات أو نباتات كانت تحيا في عصور جيولوجية قديمة تصل إلى آلاف بل ملايين السنين ثم ماتت وحفظت في صخور رسوبية، ونجد بقايا هذه الكائنات متمثلة في أوراق نباتات أو أصداف أو هياكل، أو قد تكون أثراً محفوراً في الصخر، وقد تسمى الحفريات أيضاً باسم المتحجرات.
والعلم الذي يدرس الحفريات يُسمى بعلم البليونتولوجيا/ Paleontology (أو علم الإحاثة/علم الأحياء القديمة)، هذا العلم يقوم بدراسة بقايا الكائنات الحية الحيوانية والنباتية التي كنت تعيش في العصور القديمة جداً، ويعد هذا العلم همزة الوصل بين علم الأحياء وعلم الجيولوجيا
لكن هناك سؤال هام: هل كل الكائنات التي عاشت في الماضي تحولت إلى حفريات؟ أو ليكن السؤال بصيغة أخرى: ما هي الشروط التي يجب توافرها لكي تتحول الكائنات الحيوانية أو النباتية عند موتها إلى حفريات؟ يتحول الكائن إلى أحفورة في ظل توافر الشروط التالية فقط: - وجود هيكل صلب للكائن يقاوم عوامل التحلل الكلى بحيث تتبقى له آثار بعد الموت. - الدفن السريع للكائن بعد الموت، للحد من تحلل أنسجته وتلاشيه تماماُ. - تحفر الكائنات في بيئة مناسبة، أي أن تدفن في صخور تقدم لها الحماية وتمنع تشوهها مثل الصخور الرسوبية.
* كيف تكونت الحفريات؟ عندما تموت الكائنات الحيوانية أو النباتية تتحلل أنسجتها اللينة بفعل البكتريا والأجزاء الصلبة من العظام والأسنان تتلاشى بفعل المياه الدائمة الحركة أو بفعل المواد الكيميائية. إلا أن هناك بعض البقايا تستقر وتدفن في الترسبات الموجودة في قاع الأنهار والبحيرات والبحار والمستنقعات المتمثلة في الطين أو الرمال لتتحول إلى حفريات، فبعد مرور سنوات طويلة جداً وبفعل ضغط الطبقات العليا الثقيلة على الطبقات السفلى تتحول الترسبات (التي تحتوى على بقايا الكائنات التي دفنت تحتها) إلى صخور رسوبية، وهناك بعض الكائنات حفريات كاملة وليست بقايا (الكائن بكامله) وذلك لحفظها في الجليد.
* أنواع الحفريات: تصنف أنواع الحفريات اعتماداً على التالى: - حفريات عبارة عن بقايا الكائن الحي الأصلية غير المتأثرة بعوامل التحلل، وهنا إما أن الحفريات كائناً كاملاً وليست في صورة بقايا. وأتى تكونها في الصور الكاملة للكائن نتيجة لدفنه السريع بمجرد الموت أو دفنه وهو حياً في وسط يحول بينه وبين عوامل التحلل مثل حفظ الحيوان في الجليد. أو أن تكون حفريات محتفظة بالهيكل الصلب الذي لم يتأثر بعوامل التحلل مثل عظام الحيوانات أو أسنانها أو الشعر ونجدها متمثلة أيضاً في القواقع وفى خشب النباتات.
- حفريات في ظل وجود عوامل بعينها ساعدت على تكونها، وهنا يكون الكائن قد تعرض لعوامل التحلل ولا يوجد منه سوى بقايا. ومن بين العوامل التي تساعد على تحول بقايا الكائن إلى حفرية تسرب المياه الأرضية التي تحتوى على معادن مذابة فيها إلى مسام العظام وشقوق الأخشاب دون أن تحل محل المادة الأصلية بل تضيف إليها حيث تزيدها قوة وصلابة، وبذلك فإن كلا من المياه والمعادن المذابة فيها تعمل على تحجر البقايا وحفظها متحولة إلى حفريات ذات قيمة كبيرة. وهناك عامل آخر يساعد على تحول الكائن إلى حفرية عامل التكربن (Carbonization). إن الأنسجة الحية تتألف من مركبات الكربون وعناصر كيميائية أخرى، فعندما يموت الكائن الحي تتحلل أنسجته وتترك وراءها آثاراً من الكربون، ومن خلال التكربن حيث بقاء طبقة رقيقة من غشاء كربوني بشكل الكائن تم حفظ العديد من الكائنات مثل الأسماك بكافة تفاصيلها الدقيقة.
- حفريات القالب والصب، بعد دفن الهيكل الصلب من الكائن الحي في الترسبات في قاع المياه والتي تتحول إلى صخور بعد ذلك، بمرور الوقت يتحلل الهيكل الصلب بفعل المياه تاركاً وراءه قالباً محفوراً في الصخر بشكله الذي كان مدفوناً عليه. وقد يتكون الهيكل بفعل بالصب، فالماء الدائم الحركة يحمل معه المعادن وتعلق به الجسيمات الدقيقة، ووجود القوالب المحفورة في الصخور تسمح للمياه بترسيب المواد الدقيقة التي تحملها معها حتى تملأ فراغات القالب الموجود بدون أن تترك مكاناً أو فراغاً فيها وبذلك تتشكل من جديد نسخة من الهيكل الأصلي الذي كان موجوداً بها.
- حفريات الأثر، فهي عبارة عن نقش أو خطوط ضحلة في الصخر ، حيث أن الأثر الباقي في الواقع ما هو إلا مجرد معالم للكائن من النبات أو الحيوان. كما توجد حفريات الطابع كتلك المتمثلة في الأنسجة الناعمة مثل الريش والأوراق.
* أهمية دراسة الحفريات: لماذا ندرس الحفريات .. ولِمَ السعي الدائم لمعرفة الاكتشافات الجديدة في مجالها؟ مكنت الحفريات العلماء من تصور نماذج الحياة التي وُجدت في عصور زمنية مختلفة في الماضي والتغيرات الجيولوجية على مر العصور .. لذا جاءت أهمية دراستها لرصد التالي: - الحفريات تعد بمثابة الدليل الذي يرشدنا عن ماهية البيئات القديمة، وأهم سماتها السمات التي كانت تتميز بها من حيث الحياة النباتية والحيوانية بها.
- الحفريات أداة هامة لعمل الخرائط الجغرافية عن الزمن الماضي، واستكمال الحديث منها .. لأن المعرفة بطبيعتها تراكمية.
- الحفريات حجر أساس هام في علم الأحياء يساعد على تصنيف الكائنات الحية.
- عن طريق الحفريات يتم تحديد العمر الجيولوجي للصخور.
- ولا تقتصر أهمية دراسة الحفريات على دراسة عمر الصخور المترسبة عليها أو على معرفة السمات النباتية والحيوانية لحقبة زمنية ماضية .. وإنما يمكن من خلالها التعرف على الأنماط المناخية التي كانت سائدة في عصور ما قبل التاريخ وما بعده، فاكتشاف حفريات قديمة ومقارنتها بمثيلاتها من الأحياء الموجودة الآن مكنت العلماء من التعرف على الأجواء المناخية للمناطق التي كانت توجد بها هذه الحفريات الثرية.
- الحفريات تُستخدم كوسيلة إرشادية لإثبات نظرية التطور العضوي للكائنات الحية، حيث تقول هذه النظرية بأن الأنماط الحالية من الأحياء قد تطورت من أشكال أبسط وأدني لأحياء عاشت في العصور الجيولوجية السابقة، وحدث هذا التغير أو التطور بصورة تدريجية وفى ظل تواجد عوامل أحدثت مثل هذا التطور، من بينها: - عامل الوراثة. - تغيرات المناخ التي تؤثر بشكل كبير على خصائص الأحياء. - الصراع من أجل البقاء. - القدرة على التأقلم.
- وللحفريات أهمية اقتصادية كبرى تحتل قمة هرم الفوائد المقترنة بها، وتأتى أهميتها في الاستعانة بها في تحديد أماكن الثروات الطبيعية من الخامات والغاز الطبيعة والبترول.
- الحفريات تعرفنا على توزيع اليابس والماء (البحار) في الماضي الجيولوجي.
- الحفريات تساعدنا على تحديد العمر الزمني لطبقات الكرة الأرضية (Stratigraphy) والتعرف على التاريخ الجيولوجي لها.
* المراجع:
"Fossil" - "fossil-scm.org".
"Fossil" - "britannica.com".
"fossils were not created by life forms" - "news.sciencemag.org".