الحركة النسوية .. ما بين المكاسب والتحديات
الحركة النسوية .. ما بين المكاسب والتحديات
* الحركة النسوية ودعم المرأة:
الحركة النسوية هى الحركة التى تنادى بدعم المرأة على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية وتحريرها من التمييز الذى تعانى منه فى مختلف المجتمعات.

فالهدف من هذه الحركة حصول المرأة على حقوقها الإنسانية وأن تُعامل على أساسٍ مساوٍ للرجل في إنسانيته .. حيث ظلت المرأة في الكثير من البلاد محرومة من الكثير من الحقوق.
المزيد عن حقوق الإنسان ..
المزيد عن اليوم الدولى للقضاء على التمييز العنصرى ..

فالحركات النسوية فى مختلف أنحاء العالم سواء الغربى أو العريى هى حركات اجتماعية تتشكل من أفراد أو مجموعات أو منظمات تقوم على الوعى والفعل لتبنى قضية النساء فى مجتمعاتهم.

الحركة النسوية .. ما بين المكاسب والتحديات

* السمات التى تتميز بها الحركات النسوية:
هناك سمات تتميز بها الحركات النسوية – حتى وإن لم تكن جميعها متواجدة فى كل الحركات النسوية – إلا أنها سمات ترسم الإطار العام لها والذى تتواجد من أجله، ومن بين هذه السمات:
- القيادة فيها تكون للمرأة، لتنفيذ أهداف الحركة ألا وهى الدفاع عن حقوق المرأة وإنجاز متطلباتها.
المزيد عن القيادة ..

- أفراد الحركة النسوية تتكون من النساء، فالمرأة ليست جزء من الكل كما يحدث فى كافة المنظمات أو التجمعات التى تتكون لأى غرض من الأغراض.

- للحركة النسوية فكر خاص ينصب على الأهداف التى تعتنقها مثل: المساواة بين الجنسين، والمساواة الاجتماعية والاقتصادية وكامل حقوق الإنسان، ونبذ العنف، واحترام مساحات الجميع وأدوارهم .. إلى جانب الكثير من الأهداف الأخرى.
المزيد عن مناهضة العنف ضد المرأة ..

- كما من يين سمات هذه الحركات العمل على إنشاء المزيد والمزيد من الحركات النسوية من أجل توزيع الأدوار وتعزيز الممارسة النسوية.

- القضايا التى تتبناها هذه الحركات النسوية تكون للمرأة وللمشاكل التى تعانى منها وتسعى إلى تغييرها وإيجاد حلول لها.

الحركة النسوية .. ما بين المكاسب والتحديات

* أنماط التغيير وفقاً للحركات النسوية:
الهدف الرئيسى من وراء إنشاء هذه الحركات هو إحداث تغيير لوضع المرأة فى مجتمعها، وهذا التغيير وفقاً للحركات النسوية يتم من خلال ثلاث مستويات:
- تغيير القوانين، من خلال شن النساء للحملات الاحتجاجية، أو التظاهر، وإبداء الرأى فى وسائل الإعلام المختلفة أو الصحف.
المزيد عن الإعلام والمجتمع ..
- التغيير فى تطبيق هذه القوانين من خلال التفاوض مع صناع القرار، والقيام بالحملات الإعلانية.
- التغيير فى سلوكيات الأفراد أنفسهم وفى مواقفهم، وذلك من خلال ترسيخ التربية على حقوق الانسان وقيم المواطنة والمساواة بين جميع فئات المجتمع وخاصة الشباب.

الحركة النسوية .. ما بين المكاسب والتحديات

* الموجات التى مرت بها الحركات النسوية:
- الموجة النسوية الأولى(تعبير المرأة عن نفسها):
كان من بين أهداف هذه الموجة الأولى من الحركات النسوية:
- حق المرأة فى التعبير عن نفسها.
- حق المرأة فى المشاركة فى المجال السياسى.
- حق المرأة فى المشاركة فى الانتخابات.
- وحقها فى التحرر من العبودية والتخلص من الرق.
المزيد عن التمييز العنصرى واليوم العالمى لنبذه ..

كما تركزت مطالب هذه الموجة الأولى على التعليم والعمل وحقوق المرأة المتزوجة بالملكية وحضانة الأطفال، وحق الاقتراع. وقد بدأت في أمريكا الدعوة لحقوق النساء في مؤتمر كبير في "سينيكا فولز/Seneca Falls" عام 1848 شارك فيه أكثر من 300 شخصية منهم 40 رجلا، كان من أهم مطالبه وقف التمييز ضد النساء. أما في أوربا وتحديداً فى إنجلترا فتظاهرت النساء في الخمسينات من القرن التاسع عشر بالمطالبة بحق التعليم والعمل وتعديل قوانين الزواج مثل حقوق المتزوجات بالملكية والحضانة.

- الموجة النسوية الثانية (تمكين المرأة):
أثناء هذه الموجة بدأت الحركة النسوية تأخذ طابعا عالميا يشمل "المرأة" في جميع أنحاء العالم، حيث تجاوزت مرحلة المطالبة بمساواتها بالرجل فى الحقوق وإنما امتدت للمطالبة بتحرير المرأة من القمع الجنسى والاجتماعى والسياسى أى أنها اتخذت مضموناً أكثر نضجاً.
فكان الهدف من هذه الموجة أيضاً هو تعزيز حرية المرأة أى تمكينها، وظهرت فكرة التمكين جلياً فى تواجد المرأة في النقاشات الحادة، والتمسك برأيها بصرامة. وهذه الموجة ظهرت في الفترة التي انتشر فيها الظلم مثل هيمنة الرجال دون النساء، وانتشار التعصب، والتمييز الجنسي.

الحركة النسوية .. ما بين المكاسب والتحديات

- الموجة النسوية الثالثة (مشاركة المرأة):
عمل الجيل الثالث من الحركة النسوية على تطوير المفاهيم التى قدمتها الموجة الثانية من الحركة النسوية وهو التركيز على مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة ولكن فى نفس الوقت إبراز الطبيعة المختلفة للمرأة عن الرجل، حيث طالب هذا الجيل الثالث بفرص متساوية للمرأة والرجل مع الإصرار على تفرد الطبيعة الأنثوية للمرأة والمختلفة عن الطبيعة الذكورية للرجل .. وبهذا تُتاح الفرصة للرجال والنساء مشاركة بعضهم البعض (وفقاً للموجة النسوية الثالثة) في التوصل إلى طرق جديدة لصياغة الذات لكل منهما والتعرف على حقوقها فى كافة المجالات. لكن البعض نظر إلى أفكار هذه الموجة الثا��ثة بأنه ترويج لما بعد النسوية الذى فيها رفض لمكاسب النسوية ونضالاتها السياسية، كما انتقد الكثير من النساء أن الترويج لمثل هذه الأفكار (ما بعد النسوية) هو إقصاء حقيقى للمرأة عن العمل السياسي والاجتماعي.

* الحركة النسوية فى العالم الغربى:
فى فرنسا وبعد الثورة الفرنسية عام 1789، استلهم منها النساء أفكار عن الحرية والعدالة والمساواة وطالبت النساء بحق المرأة في التصويت وشغل المناصب العسكرية والمدنية العليا في الجمهورية الجديدة.

وفى بريطانيا - لندن تحدثت الكاتبة والفيلسوفة "ماري وولستون كرافت/Mary Wollstonecraft" عام 1792 فى كتابها الذى يحمل عنوان "حقوق النساء" تحدثت فيه عن الطغيان المنزلي، إنكار الحقوق السياسية للمرأة، فرص متساوية للتعليم والعمل، التعليم المختلط.
وبحلول منتصف القرن التاسع عشر أصبح هناك مجموعة كبيرة من النساء البريطانيات العاملات المستقلات، اللاتي يقبضن أجورهن بأنفسهن، مما أشعرهن باستقلاليتهن. حيث كانت أجورهن أقل من أجور الرجال وكل ما تملك المرأة يصبح ملكاً لزوجها عند زواجها.
كما قدمت "بربرا لي سست/Barbara Lee Sast" عام 1856 طلباً لمشروع قانون حق المرأة المتزوجة في ملكيتها، وأسست عام 1858 جريدة المرأة الانجليزية، وعام 1859 جمعية تشجيع توظيف المرأة.

وفى أمريكا بدأت أول دعوة منظمة لحقوق المرأة في أمريكا بانعقاد مؤتمر سينيكا فولز فى 19 - 20 يوليو 1848 – نيويورك، وحضره 300 شخص منهم 40 رجلاً، وكان اليوم الأول قاصراً على الحضور النسائي. وتأثرت منظمات هذا المؤتمر وبخاصة "لوكريشيا موت/Lucretia Mott وإليزتبيث ستانتون/Elizabeth Cady Stanton" بمؤتمر "لندن لمناهضة الرق/World Anti-Slavery Convention" عام 1840 حيث تعارفتا. ومن خلال المؤتمر النسوي الأول (1848) ظهر الخطاب النسوي لأول مرة، لكنه لم يكن، بأي حال، شاملاً أو متماسكاً، إذ كان يفتقر إلى العمق الذي ظهر فى مرحلة لاحقة.
تميزت الحركة المنبثقة عن "سينيكا فولز" بالتركيز على الحق في التصويت وحقوق الملكية الخاصة المنفصلة عن الرجل، وكان من أهم عيوب المؤتمر قلة – أو انعدام – تمثيل المرأة الأفريقية الأمريكية.
ومع اندلاع الحرب الأهلية (1860) انقسمت الحركة النسائية حول حقوق النساء الملونات، لكن سرعان ما التأم شمل الحركة بعد انتهاء الحرب. وفي 1920 توج نضال الحركة بالتعديل التاسع عشر في الدستور الأمريكي الذي منح النساء، لأول مرة في التاريخ الأمريكي، حق التصويت، وكان هذا علامة فارقة في تاريخ الموجة النسوية الأولى. جدير بالذكر أنه في هذه المرحلة لم يكن هناك سوى اهتمام ضئيل بالحقوق التقليدية (حق العمل، الراتب المتساوى … إلخ)، وكان الاهتمام منصباً على الملكية والتصويت.

مزيد من حركات المرأة في القرن التاسع عشر على مستوى العالم:
– نالت المراة في بعض الدول الغربية حق التصويت (بريطانيا، كندا، الولايات المتحدة، ألمانيا، السويد).
– في الهند ناضل المدافعون عن حقوق المرأة في التعليم والتصويت وفازوا بذلك بمساندة المجلس الوطني الهندي عام 1918.
– في أندونسيا عام 1879-1904 نادت "رادن أدجنج/Raden Ajeng" بحق المرأة في التعليم وأسست مدرسة للبنات.
– في اليابان شنت النسوية الرائدة 1863- 1901 "كيشيدا توشيكو/Kishida Toshiko"- حملات في القرن التاسع عشر من أجل حقوق المرأة وتصويتها في الانتخابات.
– في الصين وتحديداً فى مدينة بكين أسست "تان جانينج/Tan Janing" الجمعية الصينية للمناصرات لحق المرأة في التصويت في بكين عام 1911، وقادت مظاهرات.
- تأسست جمعية المرأة الاسترالية عام 1909، وناضلت النساء فيها من أجل المساواة في الأجور والحقوق بين النساء والرجال.
– في البرازيل أسست "برثا لوتز/Bertha Lutz" الاتحاد البرازيلي لإرقاء المرأة، ولم تفز المرأة بحق التصويت إلا في عام 1932.

الحركة النسوية .. ما بين المكاسب والتحديات

* الحركة النسوية فى العالم العربى:
كان ظهور الحركة النسوية فى العالم العربى إبان مرحلة عصر النهضة التي ترافقت مع وصول الحملة الفرنسية إلى مصر سنة 1798 حيث يُعد هذا التاريخ بداية اتصال العرب بأوربا والانفتاح على الغرب وثقافته، خاصة حول قضية المرأة وحقوقها، وكمحاولة للخروج من حالة التخلف والأمية والفقر السائدة في بلاد العرب، فبرز في هذه المرحلة فى مصر رفاعة الطهطاوي الذي نسب إليه بعد عودته من فرنسا سنة 1831 أنه أول من أشار في البلاد العربية بمساواة المرأة مع الرجل في العصر الحديث ودعا إلى اشتراكها في العمل.

ثم ظهر الجيل الأول من النساء الرائدات اللاتي أرست آراؤهن المنشورة عبر الصحف لنشأة الحركة النسوية في العالم العربي، ومن هؤلاء النساء فى مصر: ملك حفنى ناصف/Malak Hifni Nasif والتى لُقبت بباحثة البادية سنة 1886 حيث تناولت وجوب تعليم المرأة بإصدار عدة من المقالات، لأنه الوسيلة الوحيدة والفعالة لتحرير عقلها. وقد جمعت هذه المقالات في كتاب من جزأين تحت عنوان "النسائيات".
وفى لبنان: مريم جبرائيل/Mariam Gabrielus سنة 1888، والتي صدر لها كتاب ترجمت فيه لشهيرات النساء في عصرها.
وفى سوريا: ماري عجمي/Mary Ajami سنة 1888 من رائدات الحركة النسائية في سوريا، حيث قامت بإنشاء مجلة نسائية تحمل اسم "العروس" كانت تتناول فيها حل الكثير من قضايا المرأة، كما أولت اهتماماً بالغاً لقضايا الطفل والأسرة.

ثم أخذت الحركة النسوية فى العالم العربى شكلاً أكثر تطوراً لتظهر المرحلة الثانية منها والتى تبدأ من نهاية القرن التاسع عشر حيث تأسست في هذه الفترة الاتحادات النسائية التي شاركت في مؤتمرات عالمية للمرأة، ودخلت المرأة في مجال السياسية، وكان من أبرز رموز هذه المرحلة من مصر: قاسم أمين، هدى شعرواي، أمينة السعيد، إحسان عبد القدوس. وكان لقاسم أمين دوراً كبيراً فى تأييد المرأة والدفاع عن حقوقها والذي دعا فيه علانية المرأة العربية إلى تقليد المرأة الأوربية حتى تلحق بركب الحضارة والمدنية.

أما المرحلة الثالثة فتبدأ من خمسينات القرن الماضى وفي هذه المرحلة انتقلت حركة تحرير المرأة من مرحلة التأثر بالنموذج الغربي إلى جعل هذا النموذج فكر وعقيدة للمرأة، وتبنت شعار إدماج المرأة فى التنمية.

* المكاسب التى حققتها الحركات النسوية:
إذا كانت النساء مازالت تناضل من أجل المكاسب المتعلقة بحقوقها مثل الرجل، إلا أنه يمكن القول بأن الحركات النسوية حققت مكاسب لا يُستهان بها للمرأة والتى تمثل الدعامة الأساسية التى تمهد الطريق لباقى المكاسب التى ترغب المرأة فى جنيها من سعيها المستمر للاعتراف بها كشريك إنسانى للرجل فى مختلف أنحاء العالم.
ومن بين هذه المكاسب التى حققتها الحركات النسوية:
- النهوض بأوضاع المرأة فى الصحة والتعليم والقوانين الخاصة بها ومحاربة الفقر.
المزيد عن مشكلة الفقر ..
- تغيير قوانين الحريات العامة مثل تجريم التحرش الجنسى.
المزيد عن التحرش الجنسى ..
- تغيير قوانين الأحوال الشخصية التى كان فيها ظلم كبير للمرأة.
- مشاركة المرأة فى صنع القرار.
- الاعتراف الدولى بالعنف المُمارس ضد المرأة.

الحركة النسوية .. ما بين المكاسب والتحديات

* التحدى الذى تواجهه الحركات النسوية:
إذا كانت هذه الحركات حققت الكثير من المكاسب للمرأة وغيرت الكثير من المواقف والقوانين إلا أنها ظلت بعيدة على أن تكون حركة للتغيير المجتمعى والامتداد وسط الجماهير للتأثير في العقليات وتغيير الثقافة السائدة، وإن كانت هذه خطوة مؤجلة إلى ما بعد إصلاح القوانين .. إلا أنه يمثل تحدٍ ويجب على الحركة النسائية إعادة النظر بما يمكنها من حماية مكتسباتها القانونية وفرض حقوق اقتصادية واجتماعية للنساء من غير عزل قضياهن عن مشروع الإصلاح المجتمعي لوقف كل مقاومة للتغيير أو التراجع عن المكاسب التي تم تحقيقها. وهذا هو التحدى الأعظم الذى يواجهها والذى يكون تحقيقه من خلال إيجاد آليات للانغماس في وسط المجتمع، وتوظيف كل الإمكانيات المتاحة لتغيير العقول ونشر قيم المساواة وتعميق الوعي بحقوق النساء، مع التفعيل الحقيقى للمؤسسات التعليمية فى أن تُرسخ التربية على حقوق الانسان وبالطبع المساواة، مع تأهيل المرأة وتمكينها من أجل فرض مكاسب جديدة لها.

* المراجع:
  • "women's movement" - "britannica.com".
  • "Movement Sparks: State of Our Feminist Movement" - "awid.org".
  • "The Women's Movement " - "feminism.eserver.org".
  • "Women's rights timeline" - "womankind.org.uk".

  • تقييم الموضوع:




تابعنا من خلال

فيدو على الفيسبوك فيدو على التويتر

نشرةالدورية

© 2001 - 2001 جميع حقوق النشر محفوظة لشركة الحاسبات المصرية
Designed & Developed by EBM Co. صمم وطور بواسطة شركة الحاسبات المصرية