المكانة الاجتماعية

المكانة الاجتماعية
* مكانة الإنسان الاجتماعية:
ينعكس مفهوم المكانة على أشياء عديدة يتعامل معها الإنسان - وليس الإنسان فقط كما يظن البعض - فالمكانة تمتد لتشمل الحيوانات والسلع والآلات والمؤسسات بل والعلامات التجارية والعقائد أيضاً وما غير ذلك.

فكل هذه الأمور يقيمها الإنسان ويعطى لها مكانة إما مرتفعة ذات شأن أو مكانة منخفضة لا يُلتفت إليها.

وبالنسبة للإنسان ذاته فهناك سعى دائم من أجل تحقيق المكانة العالية أو اكتسابها وليس العكس صحيح، فالمكانة المتميزة بين الآخرين هي مصدر متعة للإنسان لأنها ترضى غروره ومصدر رضا بالنسبة له. وإحراز المكانة العالية يتم بصعوبة كما أن تغييرها يكون صعباً .. ويتطلب تحقيقها قدرات خاصة من الذكاء والخبرة والسلطة والنفوذ، بل وأحيانا يصل الأمر إلى القيام بتصرفات وسلوكيات غير محمودة من اللجوء إلى الغش والاحتيال، كما أن المظهر والشكل من الملابس ومكان السكن له تأثير فى اكتساب الفرد لمكانته العالية بالمثل.

منذ ولادة الفرد فإنه يشغل مكانة اجتماعية هي "الابن الأصغر لوالديه"، بل قد يشغل بجانب ذلك مكانة أخرى هي "الأخ الوحيد لإخوته البنات" إن كان الذكر الوحيد بين مجموعة من الإناث.
وبمضي السنوات واحدة بعد الأخرى يكتسب المزيد من "المكانات" أو "المنازل" فى مجتمعه مثل: "التلميذ"، ثم "الطالب"، ثم الموظف "المرءوس"، ثم "الرئيس" لمرءوسيه .. وهكذا. وفى كل مرة يشغل إحدى "المكانات" يكون عليه أن يسلك بالطريقة التي تناسب هذه المكانة، أي يلعب دوراً بين بقية أفراد المجتمع يتلاءم مع المكانة التي وضعوه أو وضع نفسه فيها. ويكون الفرد مقبولاً فى الوسط الاجتماعي الذي يتحرك فيه بقدر ما يقوم بهذا الدور كما ينبغي عليه، بحيث يقتنع به بقية المخالطين له (ويسّمونهم بشركاء الدور). ومثل هذا السيناريو يحدث بالمسارح: إذ يتم تكليف كل ممثل بتقمص شخصية ما مثل رجل ثرى أو مدير شركة أو مجذوب القرية .. الخ وعلى الممثل الذي يتم وضعه فى تلك "المكانة" أن يؤدى "الدور" أى يسلك بطريقة تُقنع المخرج وبقية الممثلين والجمهور (أي كل شركائه فى الدور) بأنه فعلاً رجل ثرى أو مدير شركة أو مجذوب فى قرية.

وفى واقع الحياة بناء على هذه النظرية المسماة بنظرية الدور الاجتماعي (Social role theory) ينظر المجتمع إلى رب الأسرة الذي يهتم بزوجته وبأبنائه وبناته بأنه رب أسرة جيد يؤدى "دوره" على أكمل وجه. وعلى العكس من ذلك فإن المجتمع يدين المدرس الذي لا يتقن الشرح ولا يحرص على مصلحة تلاميذه ولا ينفذ تعليمات وزارة التربية والتعليم كما ينبغي أن تُنفذ. إذن فالمجتمع يعتبر نفسه شريكاً مع كل أفراده فى حياتهم الخاصة والعامة، بل ويراقبهم، ويُبدى رضاه أو عدم رضاه عن سلوك كل فرد منهم فى ضوء معيار واضح محدد (وإن كان ذلك المعيار يختلف من مجتمع لآخر) ألا وهو مدى قيامه بالدور" الملائم "للمكانة" الاجتماعية التي تم وضعه أو وضع نفسه فيها، فيكون المجتمع بذلك هو المؤثر الأكبر على سلوك جميع أفراده حيث أن كلا منهم لابد وأن يكون شاغلاً لواحدة أو أكثر من "المكانات الاجتماعية".
المزيد عن الفرد و التفاعل الاجتماعى مع الآخرين ..

المكانة الاجتماعية

فالمكانة هي ظاهرة اجتماعية أكثر من كونها ظاهرة بيولوجية، ومعناها مستمد من مجموعة التوقعات لما سيسلكه الفرد من تصرفات، وكلما جاء سلوك الفرد مطابقاً لتوقعاتهم منه بصفته يشغل مكانة محدودة كلما لقى قبولاً عظيماً من المجتمع.

وفى ضوء نظرية أخرى شهيرة للعالم "كيرث ليفين" تتعدد العوامل المؤثرة على تشكيل سلوك الفرد وبالتالى تحدد مكانته بينهم، فصاحب السلوك الملائم والمرضى عنه من أفراد جماعة محددة يجعلهم ينزلونه منزلة طيبة بينهم. ويرى "كيرث ليفين" أن العوامل المؤثرة على ذلك السلوك يمكن تجميعها فى مجموعتين متفاعلتين طوال الوقت:
1- الأولى هي العوامل المتعلقة بمكونات الشخصية.
2- والثانية هي المتعلقة بالوسط المحيط به.
ولمزيد من التفاصيل نتجه لتفكيك كل مجموعة منها إلى مكوناتها الأولية.
المجموعة الأولى، وتتضمن:
1- الجوانب البيولوجية للفرد: صحته بصفة عامة، ملامح وجهه، قامته، قدرته البدنية والحركية.
2- الجوانب الوجدانية له: ميوله، هواياته، أنشطته العاطفية، تفاؤلاته وتشاؤماته.
3- الجوانب العقلية والمعرفية له: معلوماته، مهاراته الذهنية، ذكاؤه (الأكاديمي والاجتماعي ... الخ).
4- الجوانب الاجتماعية والأخلاقية له: وظيفته، مدى حرصه على التوافق مع المحيطين به، مدى التزامه بالتعاليم الدينية والأخلاقية.
5- صحته النفسية والتي تتضمن رضاه عن نفسه، ومدى خلوه من الاضطرابات والأمراض النفسية.
المجموعة الثانية، وتتضمن:
1- الموقع الذي توجد فيه البيئة التي يعيش فيها (صحراوية، زراعية، مدنية، ريفية، ساحلية ... الخ).
2- الجماعات والأفراد الذين يشكلون البيئة البشرية التي يعيش وسطها.
3- نوع القوانين والأعراف والتقاليد التي يعيش فى ظلها والتي عليه مراعاتها، ويحكم عليه الناس فى ضوء مدى مراعاته لها.

ولنضرب مثالاً من الحياة الواقعية:
فلنفرض أن شخصاً يسير بالشارع فرماه صبى بحجر وأسرع بالفرار، فإن ذلك الشخص سوف يحرص على الانتقام الفوري من ذلك الصبي بالجري وراءه للإمساك به وضربه إذا ما التقت عناصر معينة من مجموعة العوامل الأولى مع عناصر معينة من المجموعة الثانية: صحته جيدة، قدراته البدنية والحركية ممتازة، وله ميول عدوانية بطبعه، ولديه معلومات عن الشوارع والأزقة المحيطة والتي يحتمل أن يطارد الصبي فيها، وذكاؤه متوسط أو دون ذلك، ويشغل وظيفة غير مرموقة بالمجتمع، ويثق بنفسه ولديه اضطراب نفسي من نوع الشعور بالعظمة والتفوق + الموقع الذي جرى فيه ذلك الحدث منبسط وجاف تسهل فيه المطاردة، والناس المحيطين للمكان موالين له أو على الأقل ليسوا ممن يعادونه أو من عصبة ذلك الصبي، والعرف المعمول به فى تلك البيئة أن من حق الإنسان أن ينتقم لنفسه بنفسه دون حاجة للجوء لولى الأمر من أى نوع كان، لكن سلوكه سيكون غير ذلك إذا لم تتوافر تلك العوامل فى تلك اللحظة.
وعلى هذا فإن "نظرية المجال/Field theory" لـ"كيرث ليفين" قد وسّعت مجال إدراكنا للعوامل المؤثرة فى سلوك الفرد والذي يحدد له مكانته (فى جزء كبير منها) بين سائر أفراد الجماعة الصغيرة أو المجتمع الكبير.

- ما هو الفارق بين الدور الاجتماعي والمكانة الاجتماعية للفرد؟
المكانة هى الوضع (أى المنزلة) الذي يكون للفرد فى البناء الاجتماعي ويُحدد من خلال تقييم المجتمع للفرد.
أما دور الفرد الاجتماعي فهو ما يسلكه الفرد من تصرفات وأفعال وما لديه من مهارات للوفاء باحتياجات وبواجبات تلك المكانة .. أى أن الدور هو الجانب السلوكي لمكانة الفرد الاجتماعية.

* إحراز المكانة الاجتماعية (Status attainment):
هو مصطلح فى علم الاجتماع يتعامل مع موقع الفرد على نطاق كبير فى مجتمعه وفى طبقته التى ينتمي إليها، وإحراز المكانة يتأثر بالمهارات المكتسبة من التقدم فى العملية التعليمية أو العوامل الموروثة مثل دخل العائلة .. ويتم الوصول إلى المكانة من خلال مزيج ما بين مكانة الآباء ومجهود الفرد وقدراته بالإضافة إلى الحظ.
علماً بأن مكانة الفرد قابلة للتغيير نتيجة "للحراك الاجتماعى" أى تحسن أحوال الفرد أو الطبقة التى ينتمى إليها أو تدنى تلك الأحوال.

المكانة الاجتماعية

- ما هو علم الاجتماع (Sociology)؟
يستند هذا العلم على حقيقة هامة بأن الإنسان لا يعيش منعزلاً فى هذه الحياة لكنه يمضى حياته فى علاقات وتفاعلات اجتماعية وعلى اتصال مستمر بالمجتمع وأفراده الذي يعيش فيه.
مؤسس هذا العلم هو "أوجست كونت" حيث توصل إلى مصطلح علم الاجتماع فى عام 1830، وكلمة علم الاجتماع مشتقة من الكلمة اللاتينية (Socius) التي تعنى شعباً أو قبيلة أو مدينة والتي تطورت فيما بعد وأصبحت (Society)، والجزء الثاني مشتق من الكلمة اليونانية (Logos) التي تعنى العقل والمعرفة.
وعلم الاجتماع من المصطلحات الجدلية التي لم يتفق عليها العلماء فى تقديم تعريف محدد لها، وهذا يدعو إلى القول بأن أهم القضايا التي يدور حولها علم الاجتماع ويختص بدراستها، هى:
- دراسة العلاقات الاجتماعية وأنماط التفاعل الاجتماعي بين البشر.
- دراسة البناء الاجتماعي للمجتمع ككل.
- دراسة السلوك الاجتماعي للأفراد.
- عقد المقارنة بين الظواهر الاجتماعية فى المجتمعات المختلفة.
- تفسير الأفعال الاجتماعية.
فعلم الاجتماع علماً لا يصدر أحكاما أخلاقية، لكنه ينشد تفسير أفعال الفرد فى سياق تفاعلاته الاجتماعية، كما أنه علماً يقوم على الملاحظة التراكمية حيث تستند النظريات الجديدة على النظريات الأخرى التي سبقتها.

- ما هى الطبقة الاجتماعية (Social class)؟
يستخدم علماء الاجتماع مصطلح الطبقة الاجتماعية ليشيروا إلى الاختلافات الاجتماعية والاقتصادية بين الجماعات والأفراد، وتتحدد الطبقة التي ينتمي إليها الفرد فى ضوء متغيرات المهنة والدخل والتعليم والانتماء القَبَلي والمنزلة الاجتماعية وأسلوب الحياة.
وعليه يكون تعريف الطبقة الاجتماعية هي تلك الفئة من الأفراد التي تنتمي إلى نفس الموقع الذي تشغله ولها نفس المصالح، وهى تلك الفئة من الأفراد التي تتشابه فى الدخل والمنزلة وأسلوب الحياة والقيم الاجتماعية.

* مكانة الفرد والحراك الاجتماعي (Social mobility):
الحراك الاجتماعي هو انتقال الفرد من مستوى طبقي إلى مستوى طبقي آخر سواء بالسلب أو الإيجاب حيث توجد أنماط عديدة لهذا الانتقال. فالطبقات فى أى مجتمع من المجتمعات لا تكون ساكنة أو مغلقة بدون حدوث أية تطورات و تغيرات بها.
ولمزيد من التوضيح فقد ينتقل الفرد من مستوى طبقي أدنى إلى مستوى طبقي أعلى وهنا يسمى بالحراك الاجتماعي الصاعد (Upward social mobility) أو الانتقال من مستوى طبقي أعلى إلى مستوى طبقي أدنى وهو ما يسمى بالحراك الاجتماعي الهابط (Downward social mobility) – كما هو الحال مع الأغنياء الذين ينحدرون إلى مستوى طبقي أقل عما كانوا عليه بسبب الأزمات الاقتصادية التي قد يتعرضوا لها.
وهناك أنماط أخرى متعددة من الحراك الاجتماعي:
- الحراك الاجتماعي الأفقي (Horizontal social mobility): وهو الانتقال من وضع اجتماعي إلى آخر مع عدم وجود اختلاف فى الدرجات بين الوضعين، كأن يمتهن الشخص مهنة نجار وكانت مهنته الأساسية سباك، فالجهد وطبيعة العمل متقاربة بل والأجر والوضع الاجتماعي داخل سياق المجتمع واحداً أيضاً.

- الحراك الاجتماعي بين الأجيال (Intergenerational social mobility): وهو تغير الوضع بين جيلين جيل الأب – الابن، أو جيل الجد – الأحفاد. حيث تعقد المقارنة بين ما يحرزه الأبناء من وضع اجتماعي يختلف عن الآباء سواء بالسلب (الحراك الهابط) أو بالإيجاب (الحراك الصاعد).

- الحراك الاجتماعي داخل الجيل الواحد (Intergenerational social mobility): وهو ما يًشار إليه بتغير الوضع الاجتماعي الطبقي للفرد على مدار حياته.

- الحراك الجغرافي: والذي يتمثل فى الهجرة أو النزوح، بأن ينتقل الفرد من مكان إلى آخر سواء من بلد لأخرى .. من حي لآخر أو من مدينة لأخرى داخل البلد الواحد، وهو أكثر أنماط الحراك شيوعاً.

- الحراك المهني: وهو التغير الملحوظ فى مهنة الفرد عن باقي أفراد العائلة التي ينتمي إليها، حيث نجد أن أفراد الأسرة الواحدة يعملون فى مهن متباينة، وذلك حسب ميول كل فرد ورغبته فى تغيير وضعه المهني الأمر الذي يؤثر على علاقته بأعضاء أسرته .. فنجد فى الأسرة الواحدة من يعمل فى مجال الطب وآخر يعمل فى مجال الأدب وثالث يعمل فى مجال الفن ورابع فى الوظائف الحكومية ... وهكذا.

المكانة الاجتماعية

- الحراك الاقتصادي: يتم تقييم الفرد هنا على أساس النجاح فى مهنته وبذل المجهود والإنتاجية، كما أن نوعية المهنة نفسها تؤثر على هذا الحراك. ويؤدى إلى اختلاف الأبناء فى مراكزهم الاقتصادية عن مراكز آبائهم ، وقد يكون الاختلاف بالسلب إذا فشل الشخص فى المهنة الموروثة عن آبائه.

- الحراك الفكري: وهذا الحراك يعكس مقدار تغيير الفرد للتقاليد والأفكار المتوارثة عن الآباء والأجداد، ومقدرته على الارتباط بالأفكار المستحدثة ... وذلك للطفرة التكنولوجية الهائلة التي جعلته يطلع على المتغيرات التي توجد من حوله.

ونجد أن الحراك الاجتماعي يتكرر حدوثه فى المجتمعات التي يكون فيها إحراز الفرد (ما يبذله من مجهود) هو الأساس فى اكتساب المكانة الاجتماعية وليست تلك المقومات الطبيعية التى وجد نفسه محاطاً بها منذ ولادته دون أن يكون له أى دخل بها .. وهذا يقودنا إلى تقديم تعريف للمكانة الطبيعية (الموروثة) والمكانة المكتسبة.

* المكانة الطبيعية والمكانة المكتسبة:
المكانة الطبيعية (Ascribed status) هى تلك المكانة التي يرثها الشخص من عائلته، وهى تلك السمات التي وُلد بها مثل النوع وترتيبه الميلادي بين إخوته. وعادة ما يرث الشخص هذه المكانة منذ ميلاده.
ونجد أنه من العوامل التي تًحدد المكانة الطبيعية أو الموروثة هى على النحو التالى:
- العمر.
- النوع.
- الجنس.
- العائلة والنسب.
- المواطنة.
- المنزلة أو الثروة.
أما المكانة المكتسبة (Achieved status) هى تلك المكانة التي يكتسبها الفرد على مدار حياته من خلال ما يبذله من جهد، بحيث يوضع الشخص فى الهيكل الطبقي معتمداً على إنجازاته الفردية، ويمكن إحراز هذه المكانة عن طريق التعليم والمهنة أو حتى الزواج.
ودائماً ما يوضع الشخص فى مكانة اجتماعية عالية إذا توافرت لديه الصفات التالية:
- الثقة.
المزيد عن كيفية بناء الثقة بالنفس ..
- الكرم.
- الذكاء.
- الاستقرار العاطفي.
- الاستقرار العقلي.
- السعادة .. المزيد

الحراك الاجتماعي هو تغيير المكانة داخل النظام الطبقي.

* العوامل التي تتحكم أو تؤثر على المكانة الاجتماعية للفرد:
- الثقافة:
الثقافة هو ذلك التركيب الذي يجمع بين الجوانب المعرفية والسلوكية التي يعتنقها أو يكتسبها الفرد من مجتمعه، فالثقافة تضم الجوانب المتعددة التالية:
- المعرفة.
- الأخلاقيات.
- العادات.
- القدرات.
- الفن.
- القانون.

المكانة الاجتماعية

ونجد أن كل رتبة فى المجتمع لها لون خاص من الثقافة يميزها عن غيرها، فنجد أن لون الثقافة الإسلامية يختلف عن لون الثقافة المسيحية، ونجد أن ثقافة التاجر تختلف عن ثقافة المعلم .. فالأول ثقافته منصبة على تعلم كل ما يمكنه من بيع البضائع وزيادة مكسبه وتوسيع نشاطه أما المعلم فينهل من المعلومات والأساليب الأكاديمية التي تمكنه من تربية النشء وتقديم المعلومات لهم.
وكلما كان الإنسان على درجة عالية من العلم والتعلم كلما كان احتلاله فى المجتمع لمكانة أعلى.

- السلطة والنفوذ:
تُقاس السلطة أو النفوذ بمقدرة الشخص على التحكم والسيطرة فى البيئة التي توجد من حوله، بما فيه أيضاً التحكم فى سلوك الآخرين، وغالباً ما يلازم مصطلح النفوذ السلطة أو يصاحبه حيث أن السلطة هى الشكل الشرعي للنفوذ فى الهيكل الاجتماعي. وقد يرى البعض أن النفوذ هو بالشيء غير العادل أو الذي يبلور معنى الشر وهنا تكون ممارسته غير مقبولة. ونجد أن كلمة الهيمنة وثيقة الصلة بالنفوذ وهى القدرة على جعل سلوك الآخرين تطابق مع أوامر هذا الشخص.
ويوجد نوعان من قوة السلطة والنفوذ:
1- امتلاك القوة.
أو
2- ممارسة القوة، بان يكون للشخص مكان مرموق وذو سلطة لكنه لا يمتلك المال الوفير والثروة.
كما تنطوي السلطة والنفوذ على ما يوجد للشخص من سطوة، بل يمكننا وصفها بأنها الأشكال المتعددة لكبح أفعال الإنسان لكنها تسمح له بالفعل حتى وإن كان على نطاق محدود – هذا ما قاله "ستيفن ليوك/Steven Luke" فى كتابه عن السلطة والنفوذ (وجهة النظر الجذرية الذي نُشر عام 1974)، وقد حدد "ليوك" فى كتابه أبعاد السلطة والنفوذ الثلاثة كما كان سائداً فى نظريات القرن العشرين بوصفها إحدى النظريات التي تنتمي لهذا القرن.
- أبعاد السلطة والنفوذ الثلاثة كما وصفها "ليوك":
1- البعد الأول:
- النفوذ أو السلطة بمعنى القدرة على اتخاذ القرارات.
- هو ما يتم ممارسته داخل المؤسسات الرسمية.
- هو ذلك السلوك المقاس بنتائج القرارات التي تم التوصل إليها.
2- البعد الثاني:
السلطة أو النفوذ هى مجموعة من الأساليب التي تقوم على:
- السطوة.
- الإقناع.
- القوة المباشرة.
- استخدام الإجبار.
3- البعد الثالث:
وتتضمن على مفاهيم البعد الأول والثاني، بالإضافة إلى:
- أن السلطة والنفوذ هى الأفكار والقيم التي هى أساس الأنشطة السياسية والاجتماعية.
- هى كافة التفاعلات الاجتماعية.
- لا يمكن قياسها بوضوح لكنها موجودة ولها لغة خاصة بها.
وكافة أشكال السلطة والنفوذ نجدها تقع تحت العنوانين التاليين ولا ثالث لهما:
- الجبرية.
- القدرة الإقناعية.

- أنواع النفوذ ومصادره:
يمكن الحصول على السلطة أو النفوذ من خلال التالى:
- من خلال الأمر كطاعة الجنود لقائدهم أو الطلاب لمدرسهم.
- سلطة سياسية بعينها.
- من طبقة اجتماعية، فالثروة تساوى السلطة والنفوذ.
- الحب لشخص أو جماعة (Charisma).
- سلطة موروثة.
- الخبرة أو مهنة تتوافر لها بعض المهارات والقدرات فى شخص ما.
- الإقناع بالطريقة المباشرة أو غير المباشرة.
- المعرفة.
- المال، مثل السطوة المالية وامتلاك عمل والتحكم فى العمال.
- الشهرة.
- القوة والعنف.
- الإقناع الأخلاقي المتمثل فى الدين.
- العلاقات العامة.
- التأثير الاجتماعي للعادات.
وإجمالاً لما سبق ذكره، نجد أن المكانة الاجتماعية العالية تكون للشخص الذي له نفوذ على الآخرين والقدرة على عمل ما يرغب فيه بصرف النظر عن إرادة الآخرين .. للفكر السائد بان المكانة الأعلى هى التي تسود.

- القبول الاجتماعي:
القبول الاجتماعى هو الإقرار والاعتراف من جانب المجتمع بقيمة الفرد مع احترام مظهره وفكره وسلوكه ومشاعره وتقديرها، إذا كانت أفعال الفرد وسلوكياته تتم فى الإطار المقبول من المجتمع ووفقاً للعادات المترسخة فيه. وعكس القبول الرفض ويكون المجتمع مستنكراً للشخص إذا كانت أفعاله وسلوكياته غير سوية ولا تتماشى مع نواميس المجتمع والجماعة.
ويتمثل القبول الاجتماعى فى التنازلات التى يقدمها المجتمع للفرد المقبول مثل التسامح عند فعل شيئاً خاطئاً، عدم توجيه النقد إليه، عدم التحامل أو التسرع فى إصدار الأحكام عليه .. وكلما كان الشخص مقبولاً اجتماعياً كلما كانت له مكانة عالية بين أفراد جماعته.
ومن بين مميزات القبول الاجتماعى عندما يستشعره الفرد، التالى:
- إكساب الأفراد الثقة بأنفسهم، وتخلصيهم من أية مشاعر سلبية تؤثر على تفاعلاتهم الاجتماعية سواء من الخجل أو التردد أو الخوف.
المزيد عن الخجل الاجتماعى ..
المزيد عن بناء الثقة بالنفس عند الأطفال ..

- إلغاء الشعور بالنقص أو الاضطهاد أو الإحساس بالدونية، فكل ذلك يسبب استجابات سلبية من الفرد من القلق والتوتر والشك.

المكانة الاجتماعية

ويعتبر القبول الاجتماعى غريزة فى الإنسان يسعى للحصول عليها، بل ومن الممكن أن تفسر لنا معظم تصرفاته الحميدة أو غير الحميدة. فالإنسان يتحرك ويأكل ويلبس ويتزوج ويسافر من أجل الحصول على القبول الاجتماعى. وإذا كانت هناك أنماط من السلوك يمارسها الشخص من أجل قبوله اجتماعياً قد تبدو أكثر تكلفة أو غير ملائمة له .. قد يكون تغييرها صعب للغاية حتى لو كان مؤمناً بضرورة التغيير إلا أنه سيبدو شاذاً وسط المجموع.
وأمثلة حرص الإنسان على قبوله اجتماعياً:
- خوف الأرملة أو المطلقة من الزواج مخافة من كلام الناس.
- السعى وراء امتلاك أفخم السيارات رمزاً للانتماء لطبقة معينة، فلم يعد الأمر منصباً على كونها وسيلة للانتقال بقدر ما هى وسيلة لاكتساب قبول الناس.

فالقبول الاجتماعى هو حاجة نفسية لدى الشخص، ينمى ويُرسخ منذ طفولة الإنسان من خلال إشباع الوالدين لاحتياجات أبنائهم وتنمية الصفات الإيجابية وإبعادهم عن الكثير من السلوكيات السلبية.
ويتطلب تنمية القبول بداخل نفس كل طفل إتباع بعض المواقف التربوية الإيجابية من جانب الآباء أو القائمين على عملية التربية، مثل:
- الاستمتاع بتربية الطفل، فعندما يجد الطفل أبويه فى حالة انسجام ومتعة معه سيولد بالطبع لديه الشعور بالإيجابية.
- الثناء على قدرات الأبناء مهما كان صغيراً ما قاموا بإنجازه.
- التعامل مع كل طفل بأنه فرد مستقل، فكل طفل مختلف عن الآخر فى الإمكانات والقدرات حتى لو كانوا إخوة.
- الاستماع للأبناء والاستماع لآرائهم واقتراحاتهم.
- تقبل العلاقات الاجتماعية للأبناء المتمثلة فى الصداقات التى لا يمكن الاستغناء عنها لأنها تنمى الانتماء.
- الاعتراف بمرحلة المراهقة على أنها اتجاه نحو الاستقلالية.
المزيد عن الجوّ الأسرى للمراهق ..
- التشجيع الدائم للأبناء حتى لو كان هناك خطأ، فأساس التعلم هو دائماً التجربة والخطأ واللجوء إلى العنف والتوبيخ يأتى بالنتائج العكسية من اهتزاز نفسية الابن أو الابنة.
- التعامل مع الطفل كما يحب الكبار أن يعاملوا وذلك من خلال تبادل الود والحوار، وبذلك سيتعلمون احترام النفس واحترام الغير بالمثل.
فكل هذه المواقف التربوية تجعل الفرد يشعر بأنه مقبول من الوسط الاجتماعى المحيط به وذلك للشعور بالرضا وازدياد الثقة.

- السلوك:
السلوك الاجتماعى هو وسيلة التفاعل الاجتماعى التى يستجيب بها أعضاء الجماعة بعضهم لبعض وللجماعات الأخرى، وهناك معايير توضع لهذه السلوك بحيث يُكيف الأفراد سلوكهم لكى تتماشى مع هذه المعايير وهى العملية التى يُطلق عليها التهيئة الاجتماعية.
ونجد لزاماً إذا تحدثنا عن السلوك لابد وأن نتحدث عن المعايير، فالمعايير هى التى تقيد أو تبيح السلوك الاجتماعى، كما يمكن وصفها بأنها محددات للسلوك والعلاقات بين البشر، هذه المعايير يكتسبها الفرد ويتعلمها من خلال عملية التنشئة الاجتماعية.
وتتمثل المعايير الاجتماعية فى:
- الدين والتمسك بتعاليمه.
- العادات والتقاليد.
- اللوائح والقوانين.
- العرف.
- القيم الاجتماعية.
- الأخلاق.
ويمكننا تلخيص كلمة المعايير بكلمتى ما هو صح وما هو خطأ، فإذا التزم الإنسان فى سلوكه بالمعايير السابقة يوصف بأن سلوكه اجتماعياً مقبولاً ومثالياً والعكس صحيح.

المكانة الاجتماعية

والفرد فى جماعته التى ينتمى إليها فى سعى دائم فى أن يتصرف بمثل سلوك غيره فى الجماعة من أجل الحصول على القبول الاجتماعى ويبذل قصارى جهده لتفادى الرفض، وذلك بالالتزام بمعايير الجماعة. والقبول هنا سيكسبه المكانة أو المركز الخاص داخل الجماعة.
وكلما اتضحت المعايير لأعضاء الجماعة كلما كان من السهل الالتزام بها وتنفيذها وحدوث التجانس بين أعضائها.
لكن متى لا يكتسب الشخص مكانته الاجتماعية بسبب سلوكه؟
عندما:
- تصل ثقة الفرد فى نفسه إلى درجة الغرور.
- انطواء الفرد وعدم تفاعله مع الجماعة الذى قد يترجم فى صورة استقلالاً أيضاً.
- الجهل، عندما لا يكون الفرد واعياً ومدركاً لمعايير السلوك الصحيحة.
- الظلم، ويشتمل توجيه الظلم للنفس وللآخرين.
وهنا تكون النتيجة الاستنكار والعزلة الاجتماعية للفرد وعم قبوله "أى أنه أصبح شخص بمكانة سلبية".
المزيد عن العزلة الاجتماعية .. والانفصال عن الآخرين ..

- التعليم:
فى سياق التعليم، نجد أن إحراز المكانة الاجتماعية للأبناء تتأثر بالمستوى التعليمي للآباء، ثم نجد بُعده على المستوى المهني والاجتماعي .. لذا فإن مستوى التعليم يؤثر بدرجة كبيرة على الحراك الاجتماعي ما بين الأجيال.

- المهنة:
المهنة أو الوظيفة التي يمتهنها الشخص عادة ما تكون هى المحك الرئيسي لمكانته بالإضافة إلى بعض المكملات لها مثل ممارسة هواية بعينها، امتلاكه قدرات ومهارات خاصة تتيح له التفوق فى هذه المهنة ... الخ

- الملكية وامتلاك الثروات:
وهى تشير إلى ما يمتلكه الفرد من الموارد، فإذا كانت له سطوة على ممتلكات فهذا معناه أن له سلطة ونفوذ على الآخرين وبالتالى مكانة أعلى.

- المنزلة أو الهيبة (Prestige):
منزلة الشخص عامل هام فى تحديد مكانة الفرد فى نظام الطبقات الاجتماعية، ولا تقاس الممتلكات هنا بالثروة أو بالمال، وإنما بالمهارات التي تتيح للشخص المقام العالي الرفيع حتى وإن كان يمتلك القليل من الثروات.

- الدور الاجتماعي (Social role):
الدور الاجتماعي هى الوظائف والمهام التي يقوم بأدائها الشخص فى مجتمعه، ولكل إنسان أكثر من دور اجتماعي يقوم به فهو جملة من الأدوار، والسبب فى جملة الأدوار هذه هو أن كل فرد ينتمي إلى "مكانات" وإلى "أنماط اجتماعية" عدة وليس انتمائه مقصوراً فقط على العائلة الذي هو عضو فيها.
والأدوار إما أن تكون مكتسبة أو مسندة إليه، أى يوجد نمطان من الأدوار الاجتماعية لكل إنسان .. وكلما كان المجتمع متحضراً كلما كثرت أدوار الشخص فيه، ولمزيد من التوضيح فقد يكون للفرد أدواراً كالتالي:
- دور رب العائلة.
- عضو فى جمعية لها نشاط خيري أو تجارى.
- عضواً فى النقابة التي تنتمي مهنته لها .. وهكذا،

* تضارب المكانة الواحدة للفرد (Status inconsistency):
هو الوضع الذي يكون فيه الموقع الاجتماعي للشخص لديه تأثير سلبي وإيجابي فى نفس الوقت على مكانته الاجتماعية، ومثالاً على ذلك نجد أن المدرس يكون له صورة اجتماعية إيجابية من الاحترام والهيبة والتي ترفع من مكانته لكنه يكسب القليل من المال وهذا المكسب الضئيل يقلل من مكانته فى نفس الوقت.
مثال آخر لتضارب المكانات هو أن الرجل يكون "أباً" لأبنائه له عليهم حق الاحترام والطاعة وعليه واجب الحرص على مصالحهم، لكنه فى ذات الوقت "ابن" لوالديه كبار السن عليه واجب احترامهم وطاعتهم ورعايتهم فى شيخوختهم حتى لو تعارض ذلك أحيانا مع واجباته نحو أبنائه.

المكانة الاجتماعية

* الطبقات الاجتماعية (Social stratification):
الطبقة الاجتماعية تصف الطريقة التي يوضع فيها الأشخاص فى مجتمعاتهم وقدرتهم على اعتناق المبادئ والأسس الهامة الخاصة بالمجتمع، وأعضاء الجماعة الواحدة يتفاعلون مع بعضهم البعض داخل الجماعة التي ينتمون إليها وبدرجة أقل مع الفئات التي تعلوها أو تقل عنها فى المكانة.
وتُقسم فئات المجتمع من حيث:
- الثروة والدخل: وهنا يرتبط الأشخاص الذين لديهم نفس الدخل والثروات.
- النوع: يربط بين الأفراد من نفس الجنس.
- الوضع السياسي: يربط بين الأشخاص التي لها نفس الآراء والمراكز السياسية.
- الدين: يربط بين الأشخاص الذين يعتنقون نفس الديانة.
- الطبقة الاجتماعية: تربط بين الأشخاص الذين ولدوا وينتمون إلى نفس الجماعة.
- العرقية: تربط بين الأشخاص الذين لديهم نفس الأصول.

- التدرج الاجتماعي (Social Hierarchy):
التدرج الاجتماعي هو الترتيب الطبقي للأفراد والجماعات ضمن سلسلة متدرجة من المراكز. يُقاس التدرج الاجتماعي بالدخل وللممتلكات والتعليم والسلطة والنفوذ، بل أن له معايير نفسية من الآراء والمشاعر.

* المكانة الاجتماعية والتفاوت الاجتماعي:
تلازم كلمة التفاوت الاجتماعي المكانة الاجتماعية، وفى تعريف مبسط لها توصف باختلاف الناس فى أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.
توجد أشكال عديدة للتفاوت الاجتماعي، منها:
1- التفاوت بين الجنسين، بين الرجل والمرأة ومن المعايير التي تقيم هذا التفاوت الدخل والدور الذي يلعبه كلا منهما.
2- التفاوت المكاني، الاختلاف الذي يكون بين منطقة وأخرى من حيث تلقى الخدمات بكافة أشكالها.
3- التفاوت المهني.
4- التفاوت فى اللون أو الثقافة أو الدخل والذي قد يؤدى بدوره إلى ظهور التمييز العنصري.
المزيد عن اليوم الدولى للقضاء على التمييز العنصرى ..
5- التفاوت فى الثروات، والذي يتأثر بمستوى الدخل ومعدلات الاستهلاك.

* الخلاصة:
تشير المكانة التي يحتلها الفرد إلى الرتبة التي تكون للفرد متضمنة على حقوقه وواجباته ونمط حياته فى التدرج الاجتماعي الطبقي. ومن الغرائز الاجتماعية – فى ضوء بعض النظريات – حرص كل فرد على أن يكتسب مكانة طيبة بين جماعته، ثم سعيه لتحسين تلك المكانة.
وأصبح اكتساب المكانة العالية هدفاً أساسياً وهاماً يتصارع عليه الجميع، فالجميع ينظر إلى كافة الأمور من خلال ما تحققه من مكانة وهذا التوجه لا يعتمد على حقيقة ما هو أفضل لكن يعتمد على المكانة التى تتحقق.

* المراجع:
  • "New Links Between Social Status And Brain Activity" - "sfn.org".
  • "Social Status" - "britannica.com".
  • "Social Status" - "beyondintractability.org".

  • تقييم الموضوع:
    • ممتاز
    • جيد جداً
    • جيد
    • مقبول
    • ضعيف
  • إضافة تعليق:




تابعنا من خلال

فيدو على الفيسبوك فيدو على التويتر

نشرةالدورية

© 2001 - جميع حقوق النشر محفوظة للشركة العربية للنشر الإلكتروني